استراتيجيات التداول في الأسواق المشتعلة – نظرة جديدة للأسواق المتقلبة

قد يتذبذب سعر احد المنتجات في السوق سواء بالارتفاع او الانخفاض الطفيف، مثل نصف دولار لسلعة سعرها 50 دولار، وهو ما يمكن ان يتقبله المشترون، ولكن ماذا لو وجدت نفس السلعة خلال ساعات وصل سعرها الى 90 دولار! بالتأكيد هذا الأمر الجنوني قد يبدو غير منطقي، ولكن في اسواق الفوركس، قد يحدث وقد تتقلب الأسعار بشكل كبير في لحظات معدودة وهو ما يجعل هناك الكثير من الرابحين، والكثير من الخاسرين أيضاً. كمبتدئ للتداول قد تظن ان تقلبات السوق السريعة هي من الأمور الصعبة التي يستحيل ان تحدث، وخصوصاً بهذه النسبة، ولكن ان نظرنا الى تأثير الرافعة المالية والتي تضاعف  الارباح والخسائر، فهذا النموذج شائع جداً للتقلب.

هناك الكثير من المتداولين المحترفين الذين يبحثون عن الأسواق المتقلبة لممارسة هوايتهم المفضلة في المخاطرة، لتحقيق أرباح سريعة من هذه التقلبات سواء صعوداً أو هبوطاً. ولكن ماذا عنك؟ هل لديك الجراءة للتداول في هذه الأسواق المشتعلة؟ لا تخف، نحن هنا لنقدم لك دليل شامل من استراتيجيات فعالة ويستخدمها المتداولون المحترفون في الأسواق المتقلبة لتتخذ قرارات صحيحة في أوقات قياسية، لتتمكن من جني الأرباح بسرعة بأقل المخاطر الممكنة.

لماذا تتقلب الأسعار في الفوركس؟

تضم منصات الفوركس – مثل سي إم تريدينج – العملات الحقيقية والعملات المشفرة والسلع والمعادن مثل الذهب والأسهم وغيرهم، ولكلاً منهم ما يحرك أسعاره على حدى وبشكل مستقل. دعني أشرح لك أكثر، فمثلاً في تداول ازواج العملات، نجد ان الزوج الأشهر وهو اليورو مقابل الدولار الأمريكي يتحرك سعره بناءاً على قرارات الفدرالي الأمريكي وأداء اقتصاد دول اليورو وايضاً العرض والطلب. كلما تغيرت احد هذه العوامل التي تؤثر على السعر يتقلب السعر، فمثلاً ان قام الفدرالي الأمريكي برفع نسبة الفائدة على الدولار، فسوف نجد ان العديد من المتداولين والمستثمرين يلجؤون الى الدولار لتحقيق ارباح من عوائد هذه الفوائد، وهو ما يرفع قيمة الدولار امام اليورو.

اما بالنسبة للعملات المشفرة، فما يحكم هذه العملات هو العرض والطلب فقط، فهذه العملات لا توجد اي سلطة او رقابة تنفيذيه قادرة على السيطرة على اسعارها سواء هبوطاً أو صعوداً. لذا يمكن للأخبار ان تؤثر على المتداولين وتدفعهم الى فتح صفقات بيع او شراء ضخمة وهو ما يقود السوق الى تقلب الأسعار. لعل عملة ترامب المشفرة هي اشهر مثال في 2025، فبعد انتشار اخبار عن هذه العملة صعدت وحققت أرقام قياسية في وقت قليل جداً. يمكن للمعادن النفسية مثل تداول الذهب ان تتأثر بالأخبار العالمية والدولار الامريكي ايضاً، وكذلك العرض والطلب، اما بالنسبة للأسهم، فتتقلب بناءاً على اداء الشركات وتقييم وثقة المتداولين بها.

استراتيجيات التداول في الاسواق المتقلبة

استراتيجية تُعني طريقة للتداول، وهي تشمل نمط محدد يتبعه المتداول اثناء رحتله سواء من البحث عن الصفقة المناسبة او فتح الصفقة واختيار نقاط دخول السوق وجني الارباح ووقف الخسائر. هناك استراتيجيات طويلة المدى وهي التي تحقق المستهدفات من الأرباح في فترة زمنية طويلة، وأيضاً صفقات قصيرة المدى، وهي التي تحقق المستهدف في فترة زمنية قصيرة، ومتوسطة المدى وهي تتوسطهم.

1.    سكالبينج: خطف الأرباح

استراتيجية سكالبينج او Scalping هي استراتيجية قصيرة الأجل وتهدف الى فتح العديد من الصفقات الصغيرة لتجني ارباح من التحركات الصغيرة. بمعنى آخر، في فترات تقلب الاسواق، غالباً ما يعود السعر الى نقطة محددة وبعدها يصعد او يهبط، وفي هذه الفترة يمكنك ان تفتح صفقات تحقق ارباح اعلى واسفل هذه النقطة (سواء صفقات بيع او شراء) لتحقق ارباح صغيرة.

يُفضل ان تقوم بهذه الطريقة عن طريق المستشارين الخبراء وتحديد نقاط فتح وغلق الصفقات تلقائياً، وتحديد عدد محدد للصفقات في نفس الوقت لتتمكن من زيادة ارباحك مع زيادة عدد الصفقات الصغيرة الناجحة. تخيل ان هناك عملة تتذبذب امام الدولار بين 1.2000 و 1.20005، فيمكنك ان تشتري من النقطة الأولى وتعاود البيع عند النقطة الثانية، ومن النقطة الثانية تفتح صفقة بيع وتغلقها عند انخفاض السعر، وهكذا.

هذه الاستراتيجية يمكنها ان تحقق الكثير من الأرباح الصغيرة يومياً مع نسبة مخاطرة منخفضة نسبياً، وذلك لأنه من الضروري ان تقوم وضع أمر لوقف الخسارة ويكون صغير ايضاً، لضمان عدم انقلاب السوق عليك. عليك ان تتابع هذه الصفقات عن قرب، فهي تتطلب التنفيذ السريع والمتابعة الدقيقة، كما يجب ان تعرف تكاليف فتح الصفقات في المنصة، والاسبريد (اي الفارق بين البيع والشراء) فان كان الاسبريد عالي، يمكن ان تكون هذه الاستراتيجية غير مناسبة لك.

2.    تداول النطاق: الاستفادة من حدود الأسعار

هنا التداول الآمن حتى في فترات التقلب، في هذه الاستراتيجية يعتمد المتداول على انتظار التقلب لمعرفة اقصى سعر يصل إليه الأصل وكذلك ادنى سعر يمكن اي يصل اليه. يقوم المتداول بفتح صفقات معلقة من ادنى نقطة وانتظار حتى الوصول الى اعلى نقطة ويقوم بالبيع، ثم فتح صفقات بيع من اعلى نقطة وانهاء الصفقة بتحقيق الارباح عند ادنى نقطة. مثال عملي: اذا كانت العملة تتراوح سعرها مقابل عملة آخري بين 1.1000 و 1.1500 كأعلى نقطة، فسوف تقوم بفتح صفقة شراء بالقرب من سعر 1.1000 والبيع بالقرب من 1.1500.

هنا نجد ان نقاط الدخول والخروج من السوق واضحة، ويمكنك الاستفادة من تحركات الاسعار بشكل متوقع وسلس. عليك مراقبة السوق لفترة زمنية لتعرف اعلى نقطة وادنى نقطة، وتحديد المدة التي تصل اليها الاسعار لهذه النقاط. من المهم ان تضع اوامر لوقف الخسارة ان خرج النطاق السعري عن المألوف، فمثلا ان تراوح السعر في المثال السابق لأعلى من 1.1600، هنا يمكن ان يفشل التحليل الفني السابق.

3.    استراتيجية كسر الحواجز

هذه الاستراتيجية تعتمد على تحديد نطاق سعري محدد غالباً ما يتحرك به السعر واي كسر في هذا النطاق يمكن ان يشكل انطلاقة لقمة جديدة او قاع جديد. يُسمى القاع بمستوى الدعم والقمة بمستوى المقاومة. يعتمد المتداول على تحديد هذه النقاط باحترافية ودقة متناهية وذلك لفتح صفقات شراء اعلى هذه النقطة او بيع اسفل هذه النقطة. بفضل العديد من المؤشرات الفنية، يمكنك ان تستكشف مدى صعود السعر، وكذلك من رؤيتك لمخططات الأسعار التاريخية ومعرفة التحركات السابقة يمكنك ان تستنتج الى اي سعر يمكن ان نصل. من الضروري تحديد السعر المستهدف وذلك لوضعه في أمر جني الأرباح لكي لا تنتظر حتى ينقلب عليك السوق.

تحديد نقاط الدخول والخروج من السوق

من المهم تحديد نقاط فتح وغلق الصفقات بدقة وخصوصاً في الأسواق المتقلبة، وذلك لأن الاسواق المتقلبة سريعة التحرك، ويمكن ان تفوتك الفرصة في ثواني ولحظات دون ان تدري. قد يكون قرار عدم فتح الصفقة ان فاتتك هذه النقاط هو القرار الصائب بدلاً من فتح صفقات عشوائية بدون نقاط محددة وذلك لتجعل الارباح المتوقعة تتفوق على الخسائر المحتملة ان انقلب عليك السوق. هناك العديد من الطرق التي يجعلك قادر على تحديد نقاط الدخول والخروج من السوق، ويمكننا تلخيصهم فيما يلي:

1.     استخدام التحليل الفني

التحليل الفني ببساطة يتضمن استخدام كافة الادوات التحليلية لفحص وتحليل الاسعار السابقة وحجم التداول والصفقات للتنبؤ بتحركات الاسعار المستقبلية. هذه الأدوات التحليلية تشمل المؤشرات الفنية مثل المتوسطات المتحركة ومؤشر القوة النسبية وخطوط بولينجر وغيرهم، وهدفهم تحليل رياضي للبيانات بشكل لحظي لتعرف كافة المعلومات التي تريدها عن الأسعار.

يجب ان تتدرب على استخدام هذه المؤشرات من خلال التعليم والممارسة الفعلية في الحسابات التجريبية لتألف طريقة استخدامها بسرعة لتتمكن منها في السوق الفعلي. على سبيل المثال، يمكنك استخدام مؤشر المتوسط المتحرك وتحديد المدة 50 يوم لتعرف الاتجاه العام للسوق، ويمكنك ايضاً استخدام مؤشر القوة النسبية لتحديد ذروة عمليات البيع والشراء لتعرف مدى تشبع السوق من البيع والشراء وتوقع الانعكاس السعري.

2.     تحديد مستويات الدعم والمقاومة

قد تكون سمعت ان الدعم والمقاومة وخصوصاً ان قرأت عن التحليل الفني او ان تابعت بعض اصدارات التوجيهات الفنية للمؤسسات المالية او لشركات الوساطة المالية لتحليل السوق. مستويات الدعم والمقاومة هي مستويات او نقاط سعرية محورية يتغير عندها مجرى الأمور، فيمكن ان يعكس اتجاهه او ان كسر هذا المستوى واكمل في الاتجاه قد يكون علامة على تغيير جذري في السوق. الدعم هو المستوى الذي تتوقع ان يتوقف عنده الاتجاه الهابط للسعر، بسبب الزيادة في الطلب. أما المقاومة فهي النقطة او المستوى الذي يمكن ان تتوقع ان يتوقف عنده الاتجاه الصاعد للسعر، وذلك لزيادة العرض. هذه النقاط هامة جداً في الاسواق المتقلبة، حيث تميل الاسواق المتقلبة الى كسر هذه المستويات وخصوصا في فترات الازمات الاقتصادية والسياسية والحروب.

3.     مراقبة المؤشرات الاقتصادية

نظراً لتغير السوق طبقاً لقرارات المؤسسات المالية الكبرى مثل البنوك المركزية مثل البنك المركزي الفدرالي الأمريكي، من المهم ان تراقب هذه الأخبار عن قرب. الخبر الجيد ان هناك أداة تُسمى “المفكرة الاقتصادية” وهي تجمع جميع الاحداث الاقتصادية الهامة في مفكرة واحدة مع ذكر درجة أهميتها على الأسواق وكذلك القرار المتوقع عن هذا الحدث الاقتصادي. تؤثر الاخبار الاقتصادية على اسواق العملات وكذلك الذهب، فمن المهم ان تعرف ما تتابعه وما النتيجة المتوقعة. على سبيل المثال: قد يؤدي تقرير التوظيف في الولايات المتحدة الامريكية ان صدر إيجابي على الدولار الأمريكي مقابل باقي العملات، وهو ما يرفع سعره.

إدارة المخاطر القوية

في سوق مشتعل تتحرك فيه الاسعار بسرعة لأعلى ولأسفل بدون حد ادنى او اقصى، من المهم ان تتوقع جميع السيناريوهات, وخصوصاً الأسوأ. فقد تكون تقلبات الأسعار غير متوقعه وسريعة للغاية، من المهم ان تحافظ على رأس مالك في تلك الفترات، وان لا تغامر بما لا تستطيع ان تخسر. تفعيل استراتيجيات ادارة المخاطر مهمة لحماية رأس مالك، وأيضاً لتستطيع البقاء في السوق لأطول فترة ممكنة، مع إمكانية تعويض خسائرك.

• تحديد حجم الصفقات

تحديد حجم الصفقات مهم جداً في الفترات المتقلبة، من المهم ان تختار أقل لوت ممكن، وكذلك ان تجعل الصفقة الواحدة لا تتعدى قيمة 1% الى 2% من رأس مالك الإجمالي. هذه الخطوة سوف تجعل خسائرك المحتملة أقل ما يمكن وتحميك من انعكاسات السوق.

• الرافعة المالية

تجنب استخدام الرافعة المالية قدر الإمكان او استخدمها بحذر، يمكن للروافع المالية ان تضخم أرباحك او ان تزيد خسائرك أضعاف. تعتبر الرافعة المالية أداة جذب للكثير من المتداولين نظراً لإمكانية تحقيق ارباح عالية برأس مال بسيط، فهناك الكثير من شركات الوساطة التي تقوم بتفعيل رافعة مالية تصل الى 1 مقابل 1000 اي انك ستتمكن من فتح صفقة بقيمة 1000 دولار مقابل دولار واحد حقيقي في محفظتك! هذا الأمر خطير في حالة الخسارة، فيمكن ان تخسر كل ما تملك ان انقلب عليك السوق، لذا تجنبها قدر الإمكان او استخدمها بحذر عند اللزوم.

• تنويع صفقاتك

لا تدخل في اكثر من صفقة في نفس السوق في فترة التقلب، قد تظن ان دخولك من نقاط متعددة في نفس السوق يمكن ان يحميك او يقلل من خسارتك، ولكنه للأسف يمكن ان يجعل السوق ينقلب عليك في جميع صفقاتك! من المهم ان تحافظ على التنويع وأن تفتح صفقات متعددة في اسواق غير مرتبطة ببعضها البعض، فمثلاً فتح صفقة لتداول الأسهم وصفقة لتداول الدولار مقابل احد العملات، وصفقة اخرى لعملات مشفرة وهكذا. يمكنك ايضاً ان تتداول عملات متعددة لا ترتبط ببعضها البعض، مثل اليورو مقابل الدولار وأيضاً اليورو مقابل الجنية الاسترليني، ونفس نفس الوقت الدولار الاسترالي مقابل الين الياباني.

• وضع أوامر وقف الخسارة

امر وقف الخسارة لا يمكن ان تفتح صفقة بدونه في الأسواق المتقلبة، قد ينقلب عليك السوق وانت تشرب فنجان قهوة وتجد انك تنزف من الخسائر! هذه الأوامر تجعل الصفقات تُغلق تلقائياً في حالة هبوط السعر الى سعر مُحدد، وهو ما يحمي رأس مالك من الانعكاسات المفرطة.

أسئلة واجوبة

كيف اختار الاستراتيجية المناسبة للتداول؟

اختيار الاستراتيجية المناسبة للتداول أمر مهم، ويمكنك اختيارها بناءاً على طموحاتك، فيمكنك اختيار استراتيجية قصيرة المدى او طويلة المدى. ينصح الخبراء باستخدام الاستراتيجيات قصيرة المدى للتداول في الاسواق المتقلبة، فغالباً تهدى الاسواق وتعود للأسعار التقليدية بعد هذا التقلب والاشتعال، لذا لا يمكن الحكم على الأسواق من خلال لحظات التقلب.

ما هي افضل طريقة لتحديد نقاط الدخول والخروج من الصفقات؟

يفضل استخدام العديد من المؤشرات الفنية لتحديد نقاط الدخول والخروج من السوق، ومن المهم ان تقوم بتحديد نقاط الدعم والمقاومة.

هل يجب ان اتداول في الأسواق المتقلبة؟

يفضل التداول في الأسواق المتقلبة للمتداولين المحترفين الذين لديهم خبرة كبيرة في التداول وعلى دراية بإستخدام المؤشرات الفنية والتحليل الأساسي وسرعة البديهة.