في الكثير من المجتمعات الخاصة بالتداول، وأثناء قراءة تحليلات وتوصيات خبراء الفوركس، نجد أحياناً تحذيرات من نوع: نحذر المتداولين من صدور أخبار قوية اليوم الساعة الثالثة بتوقيت مكة المكرمة من الفيدرالي الأمريكي، وقد تؤثر على الأسواق بشكل كبير وخصوصاً ازواج العملات الدولار وكذلك الذهب! يظن المبتدئون ان خبراء الفوركس يحفظون ويتابعون جميع البنوك المركزية لمعرفة مواعيد صدور تلك البيانات، وكذلك معرفة شدة تأثيرها، ولكن الأمر ليس كذلك. يعتمد الخبراء على العديد من الأدوات تحليله ومنها ما يُسمى “المفكرة الاقتصادية”، وهي تذكر جميع الأحداث الاقتصادية الهامة وكذلك شدة تأثيرها على الأسواق المختلفة.
هناك العديد من أنماط التداول، أحد تلك الأنماط او الاستراتيجيات هي الاعتماد على المفكرة الاقتصادية، والتداول بناءاً على الأخبار الساخنة، أي الاعتماد على التحليل الأساسي. ولكن ينصح الخبراء دائماً الاعتماد على كلا النمطين، من تحليل أساسي وكذلك التحليل الفني، والأخير يشمل استخدام مؤشرات فنية وانماط تحرك الأسعار على الشاشة وغيرهم. في هذه المقالة الشيقة، سوف نتحدث عن المفكرة الاقتصادية بنظرة شاملة وكيفية دمج الأخبار الاقتصادية مع التحليل الفني لاستنتاج نقاط الدخول والخروج من السوق لتحقيق أعلى ربحية.
ما هي المفكرة الاقتصادية؟
المفكرة الاقتصادية أو قد يسميها البعض “التقويم الاقتصادي” هي أداة تقوم شركات الفوركس الكبرى بإدراجها داخل منصات التداول، لتساعد المتداولين على معرفة مواعيد الأحداث الاقتصادية. تلك الأحداث في الغالب تشمل التقارير والبيانات والاصدارات التي يمكن ان تؤثر على الأسواق المالية، مثل معدلات النمو للناتج المحلي، وتقارير التضخم واجتماعات البنوك المركزية، وكذلك تقارير التوظيف ومعدلات البطالة وثقة المستهلك وغيرها.
يتم إدراج هذه المفكرة بشكل مجاني في منصة التداول، مما يسمح للمتداولين الوصول الى المعلومات الهامة والمؤثرة على الأسواق وتحرك الأسعار بسهولة. لكن هل مجرد المعلومات وحدها كفيلة لتجعل المتداول قادر على فتح صفقات واتخاذ القرار أم لا؟ في الحقيقة لا، معرفة معاد حدث هام قد يجعلك تقرر ان لا تفتح صفقة تجنباً لصدمات وتحركات السوق القوية، ولكن لا تجعلك قادر على فتح صفقة مهمة، إلا اذا كنت تعرف معنى الحدث والنتيجة المتوقعة لتتخذ القرار الصحيح! لذا فالمفتاح هنا في معرفة ما وراء الأخبار، وكيف سيتأثر السوق بتلك الأخبار، وسوف تتمكن من هذا عن طريق جمع التحليل الفني مع الأخبار الاقتصادية المدرجة في المفكرة الاقتصادية.
الدمج بين التحليل الفني والمفكرة الاقتصادية
الآن، معظم المتداولين ينقسمون في فريقين: إما أن يعتمدون على التحليل الفني أو يعتمدون على الاحداث الاخبارية والأخبار الساخنة. إذا كنت مثل معظم المتداولين، فبالتأكيد تتساءل عما إذا كان بإمكانك استخدامهما معاً للتحقق من نتيجة كل توقع، والإجابة هي “نعم” يمكنك ذلك.
لماذا تستخدم كلا الطريقتين؟ يوفر التحليل الفني رؤى تستند إلى تحركات الأسعار السابقة سواء في الماضي القريب او حتى البعيد لتوقع التحركات التاريخية. التحليل الفني يساعدك على تحديد الأنماط والاتجاهات ومستويات الدعم والمقاومة ونقاط الدخول والخروج بشكل مثالي ودقيق. لكن مع ذلك، لا يمكن للتحليل الفني توقع ما يمكن ان تفعله الأخبار والتحولات السلوكية للمتداولين وقت الخطر وخصوصاً إن كانت بشكل مفاجئ وغير متوقع.
في الجهة الأخرى، يمكن للأحداث الاقتصادية والسياسية أن تخلق هذه التحولات الكبرى والغير متوقعة. على سبيل المثال، قد يؤدي ارتفاع غير متوقع في أسعار الفائدة إلى تغيير المشاعر لدى المتداولين والمستثمرين في السوق على الفور، بغض النظر عن التحليل الفني للتحركات السعرية السابقة. من خلال قراءة الاحداث الاخبارية وتوقع ما سيحدث ووضع نتائجها فوق تحليلك الفني، يمكنك التنبؤ بردود الفعل المحتملة للسوق بشكل أفضل وأكثر دقة.
لنتخيل أنك مهتما بتداول أزواج العملات، مثل اليورو مقابل الدولار الامريكي. وأثناء التحليل الفني، لاحظت ان التحليلات تشير بشكل كبير إلى أن الدولار الأمريكي يزداد بقوة مقابل اليورو. ولكن هناك حدث في المفكرة الاقتصادية، مثل اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي، قادم، وتشير التكهنات إلى أنهم قد يرفعون أسعار الفائدة كنتيجة لمكافحة التضخم. وقد يدعم هذا الاجتماع “للفدرالي الامريكي” الإشارات الفنية التي تراقبها أو يضعفها. وفي هذه الحالة، فإن تجاهل البيانات الاقتصادية سيكون أمراً غريباً وفعلاً متهوراً، أو قد يعزز دمجها ثقتك في صفقتك أو ينبهك إلى الانتظار.
أفضل نصائح لدمج التحليل الفني مع المفكرة الاقتصادية
- التحقق المزدوج من التحليل الفني والاخبار الاقتصادية: قبل الضغط على زر التنفيذ على صفقة تعتمد فقط على البيانات الفنية، مثل المؤشرات الفنية والأنماط، تحقق دائماً من التقويم الاقتصادي. شاهد ما اذا كان هناك تقارير او اجتماعات او اصدارات للبنوك المركزية في اي وقت من اليوم يمكن ان تؤثر على هذه الصفقة، إذا لم يكن هناك اي خبر يمكن ان يؤثر على صفقتك، يمكنك الاعتماد على التحليل الفني فقط.
- استخدام الأدوات الفنية لتحديد وقت التداول: بمجرد تحديد الاتجاه المحتمل للسوق بناءً على خبر اقتصادي قادم، اعتمد على التحليل الفني لتحديد نقاط الدخول والخروج من السوق. من خلال تحديد مناطق الدعم والمقاومة، يمكنك ان تتعرف على المناطق التي يمكنك فتح الصفقة بها، واغلاقها ايضاً، سواء مع ارباح او حتى مع خسائر أقل.
- توقع سيناريو سيء: ضع في اعتبارك أن الأخبار يمكن أن تؤدي إلى التقلبات شديدة، ويمكن ان يرى المتداولون ما لم تتمكن من رؤيته. لا تتهاون في وضع أوامر وقف الخسائر أو حتى تجنب التداول خلال الفترات التي لا تفهم بها السوق، مثل الدقائق التي تسبق إصدار تقرير اقتصادي مهم وينتظره العالم أجمع.
لماذا تعتبر البيانات الاقتصادية مهمة للمتداولين اليوميين؟
المتداولين اليوميين، وهو من يقومون بفتح الصفقات بشكل يومي، ويغلقونها في نفس اليوم لتجنب رسوم التبييت، من المهم ان يقومون بمتابعة التقويم الاقتصادي بشكل كبير. بما ان هؤلاء المتداولين لا يحتفظون بالصفقات لفترات طويلة، فأن اي تحرك سعري، حتى ولو كان صغيراً، يمكن ان يؤثر على ارباحهم كثيراً، وسوف يكون له تأثير فوري، سواء بالإيجاب او السلب. هناك بعض النصائح للمتداولين اليوميين عند متابعة المفكرة الاقتصادية:
- تقليل التأخير
ربما تكون السرعة هي المنجية! نعم، قد تكون السرعة التي تتلقى بها الأخبار وتفهم محتواها هي السبب في المكسب او الخسارة. هل تعرف السبب في ارتفاع الاسعار عند صدور الاخبار الاقتصادية؟ السبب هو الاتجاه العام للمتداولين، سواء من تنفيذ صفقات شراء تزيد الطلب وترفع السعر، أو فتح صفقات بيع تزيد من العرض وتخفض السعر! دعنا نتحدث عن مثال عملي، تخيل أنك لديك صفقة طويلة الأجل على زوج عملات، وتتوقع أن يتحرك للأعلى بناءً على إشارات فنية، ولكن في منتصف مدة الصفقة، يظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي أسوأ من المتوقع. تنخفض العملة وبالتأكيد تخسر، حيث انك لم تتوقع ذلك لأنك لم تتمكن من الوصول إلى البيانات الاقتصادية في الوقت الفعلي.
- كن مستعداً للارتفاعات المفاجئة
إن إحدى الأمور المميزة للتداول اليومي هي الاستفادة من التقلبات المفاجئة. يمكن أن تؤدي الأحداث مثل تقارير الرواتب غير الزراعية، أو قرارات أسعار الفائدة في البنوك المركزية، أو حتى الأحداث السياسية غير المتوقعة إلى تحركات حادة وشديدة. من خلال استخدام المفكرة الاقتصادية ومعرفة متى ستصدر هذه الأحداث، يمكنك تحديد توقيت تداولاتك للاستفادة من هذه الارتفاعات المفاجئة.
هيا نتحدث عن مثال تداول زوج عملات رئيسي مثل زوج اليورو/الدولار الأمريكي في وقت صدور تقرير التوظيف الأمريكي. إذا كانت البيانات أقل من التوقعات، فقد تشهد الصفقة انخفاضاً كبيراً في الدولار.
أهم الأحداث التي يجب مراقبتها في المفكرة الاقتصادية
هناك العديد من الأخبار والأحداث والتقارير التي تصدر ويتم إدراجها في المفكرة الاقتصادية، حيث ان المفكرة الاقتصادية تقوم بإدراج جميع الاحداث الاخبارية حول العالم. ربما تكون بعض الأحداث غير مهمة بالنسبة لك، ولكنها قد تكون مهمة بالنسبة لمتداولين آخرين، لذا يجب ان تتابع ما يهمك فقط حتى لا تتشتت. ولتسهيل الأمور، وان كنت مبتدئاً في التداول، ربما يتكون مهتماً بأهم الأحداث والتقارير والمؤشرات الاقتصادية العالمية، وهي في الغالب تخص الولايات المتحدة الأمريكية. سوف نقوم بالتحدث الآن عن اهم تلك المؤشرات وكيف يمكنك الاستفادة منها:
الناتج المحلي الإجمالي
يمثل الناتج المحلي الإجمالي “GDP” الصحة الاقتصادية العامة للبلد التي تصدر بها. يشير تقرير الناتج المحلي الإجمالي ان صدر بشكل قوي وأعلى من المتوقع، إلى أن عملة البلد قد ترتفع بسبب النمو الاقتصادي المتزايد. يمكنك كمتداول للأسهم ان تستفيد من هذا التقرير حيث ان ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي يمكن ان يشير إلى أن الشركات داخل هذا البلد من المتوقع أن تحقق أداء جيد، وبالتالي ترتفع أسعار الأسهم بها.
عند استخدام التحليل الفني بالاقتران بتقارير الناتج المحلي الإجمالي، ستحتاج إلى الانتباه إلى كيفية استجابة حركة الأسعار لإصدار الناتج المحلي الإجمالي. إذا كنت ترى ارتفاعا ملحوظاً في الرسوم البيانية وكان من المتوقع حدوث زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، فيمكن للإشارتين “المفكرة الاقتصادية، والمؤشرات الفنية” ان تعزز رؤيتك حول الصفقة.
تقارير التضخم
هناك العديد من التقارير التي تشير الى مستوى التضخم، مثل تقارير أسعار المستهلك “CPI”، وكذلك مؤشر أسعار المنتجين “PPI”، ويؤثر التضخم بشكل مباشر على قيمة العملة وكذلك معدل الفائدة. كلما حدث تضخم، كلما انخفضت قيمة العملة، وهو ما يمكنك استنتاجه واستخدامه في صفقاتك. اي ان العملات ذات تقارير تشير الى حدوث تضخم بها، يمكنك فتح صفقات بيع عليها، للاستفادة من انخفاضها أمام باقي العملات. ان كان التضخم في الدولار الامريكي، يمكنك فتح صفقات شراء للذهب أيضاً، فالذهب هو الملاذ الآمن خلال فترات التضخم. عليك ان تشاهد ايضاً تقارير البنوك المركزية، ربما ترفع البنوك المركزية اسعار الفائدة، والذي بدورة ربما يخفف من حدة تأثير التضخم لجذب المستثمرين.
على سبيل المثال، إذا كان التضخم أعلى من المتوقع، فقد يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، مما يتسبب في ارتفاع قيمة العملة مرة آخرى بعد انخفاضها، كنتيجة لاستثمار المستثمرين بها للاستفادة بمعدل الفائدة المرتفع. في المقابل، قد يؤدي انخفاض التضخم إلى خفض أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة.
الملخص
ينصح الخبراء المتداولين المبتدئين بتجنب التداول وقت الأزمات والاحداث الاقتصادية المثيرة، حيث عدم وضوح الرؤية ربما يعصف بالمحافظ الاستثمارية الصغيرة والغير قادرة على تحمل الصدمات. لذا من المهم، ان يقوم المتداولين بتتبع الاحداث الهامة في المفكرة الاقتصادية، والتي تدرج اهم الاحداث الاقتصادية حول العالم من تقارير وإصدارات ومؤشرات وبيانات. تقوم شركات التداول الكبرى مثل سي إم تريدينج بإدراج المفكرة الاقتصادية لدعم المستثمرين بالاحداث الاخبارية العالمية، لتبدأ التركيز على تحليلك الفني.
من خلال دمج التحليل الفني والاحداث الاخبارية المهمة، يمكنك استنتاج تحليلات هامة وإتخاذ قرارات قوية وصحيحة لتدعم صفقاتك. يمكنك ان تستخدم التحليل الفني لتحديد نقاط الدخول والخروج من السوق، وتوقع الاتجاه، وتعزيز هذا الاتجاه من خلال الاخبار الاقتصادية العالمية.