التداول قصير المدى هو الأستراتيجية الأكثر شهرة في عالم التداول، فأغلب المتداولين يميلون الى جني الأرباح بشكل سريع ويومي. يعتمد التداول قصير المدى على فتح وإغلاق الصفقات في إطار زمني قصير، في الغالب في نفس اليوم أو ايام، وعلى اقصى تقدير أسبوع. يحظى هذا النوع بشعبية وشهرة واسعة بين الأفراد الذين يفضلون الأستفادة من تحركات السعر الصغير والأتجاهات القصيرة أيضاً.
يطلق المضاربون على هذا النوع من التداول أسماء عديده منها التداول الخاطف أو اللحظي أو التأرجح. ولكن هل التداول قصير المدى مجدي ومربح أم لا؟ في هذه المقالة سوف نتحدث عن كافة الأمور التى تشغل بالك حيث درجة الربحية أو المخاطر وحتى التكاليف والنصائح. لذا أعتقد عن هذه المقالة مهمة جداً جداً لكل متداول طامح يريد معرفة المزيد حول فن التداول قصير المدى، فتابع للنهاية لتعرف كل شيء!
ما هو التداول قصير المدى؟
الفوركس كفكرة تعتمد على طرح أزواج العملات والسلع والأسهم سواء للشراء أو للبيع، والأصل في الأمر هو شراء بعض الأسهم او العملات والأحتفاظ بها بغرض الأستثمار او الأدخار او التحوط من التضخم. ولكن فكر العديد من المستثمرون في السؤال التقليدي: لما الأنتظار؟ لما لا نستفيد من تحركات الأسعار السريعة حتى وان كانت صغيرة؟ هنا يأتي السؤال الثاني، هل تغير السعر الضغير يستحق المخاطرة؟ بمعنى ان كان الذهب يرتكز عند 1980 وصعد الى 1990 دولار للأونصة، هل ذلك مجدي؟
في الحقيقة نعم مُجدي، وذلك ان استخدمت رافعة مالية مرتفعة، والرافعة المالية عبارة عن اقتراض المال من الوسيط المالي لفتح صفقات كبيرة برأس مال صغير. ففي المثال السابق، يمكنك ان تحقق ربح 100 دولار (أن كانت الرافعة المالية 1:1000 واللوت 0.01)! لذا انتشر التداول قصير المدى وزادت المضاربات بهدف تحقيق ربح سريع وضمان عوائد ثابتة على مدى زمني أطول، وخصوصاً بمعرفة تحليل السوق اليومي.
ويشار إلى التداول قصير المدى أيضاً بالتداول النشط، حيث يختلف الأسلوب المتبع بشكل كبير عن استراتيجية الاستثمار التقليدي (والتى تعتمد على شراء الأصول نفسها والأنتظار). وعادة ما تكون مبنية على المضاربة، مما يعني أنها لا تحتاج إلى شراء وبيع الأصول الأساسية نفسها.
أيهما أفضل: التداول قصير المدى ام طويل المدى
قبل ان اشرح، دعني أوضح لك احد الفروق المهمة، ودعنى أيضاً استخدم نفس المثال السابق، وهو فتح صفقة شراء للذهب عند 1980 دولاراً للأونصة. قد ذكرت لك الربح، ولكني لم أذكر لك الخسارة، في الحقيقة ان الخسارة تصل الى 100 دولار أيضاً إن انخفض السعر الى 1970 دولاراً، حيث ينقلب السوق عليك في هذه الحالة. ولكن ان اشتريت ذهباً تقليدياً سوف تكون خسارتك 10 دولاراً فقط ومكسبك 10 دولاراً فقط في المثال السابق.
هناك فوائد لكل من استراتيجيات التداول قصيرة الأجل وطويلة الأجل. في حين أن التداول على المدى القصير مربح نتيجة للأستفادة من التغيرات السعرية واستخدام الرافعة العالية، ولكنها تأتي مع العديد من المخاطر. في حين ان بعض المستثمرين يفضلون نهج الشراء والاحتفاظ طويل الأجل، حيث يجب عليهم دفع القيمة الكاملة للمركز مقدمًا والحصول على ملكية الأصل، سواء كان سهمًا أو سلعة أو زوج عملات أو خزانة أو مؤشر، وذلك يمكنهم من جني المكسب القليل والخسارة القليلة أيضاً.
يعتمد اختيارك التداول قصير المدى أو الطويل على عدد من الأشياء، بما في ذلك أهدافك الأستثمارية في المجمل وحجم رأس المال الذي ترغب في إستثمارة أو المخاطرة به، ونوع شخصيتك. كل هذا يمكن أن يؤثر على قرارك واختيارك سواء للتداول قصير المدى او طويل المدى أيضاً، أو حتى الجمع بين الأثنين والتنويع كما تعرف يساعدك على تخطي المخاطر والخروج منها بأقل الخسائر وتحقيق الثبات المالي.
أنواع التداول قصير المدى
هناك العديد من الأنواع للتداول قصير المدى، سوف اشرح لك الأساليب المختلفة التي يمكنك كمتداول قصير المدى إستخدامها للتداول في فترة زمنية قصيرة. تعتمد الأساليب على المدة الزمنية والتي في الغالب قصيرة جداً ودرجة المخاطرة أيضاً، ومن بين هذه الأنواع:
- سكالبينج
استراتيجية سكالبينج “Scalping” هي أقصر الأستراتيجيات في التداول، حيث يمكن ان تستمر الى ثواني أو دقائق فقط. بالتأكيد الأرباح التي يمكن للمتداول الحصول عليها في ثواني لن تكون كبيرة، ولكن مع تكرار هذه العملية مراراً وتكراراً عن طريق فتح الصفقة والربح وإغلاقها وتكرار الأمر، سيجعل الربح أكثر وأكثر. ببساطة يفتح المتداول الصفقة، ويتنظر ان يحصل على ربح صغير ويقوم بإغلاقها، وهكذا، وحتى في حالة الخسارة، ينتظر الى ان تكون الخسارة في اقل أشكالها وينهى الصفقة.
هذه الأستراتيجية لا تخلو من المخاطر، حتى وان ظهر لك ان الخسارة قليلة، فيمكن ان تتراكم الخسائر وتتحول الى خسائر أكثر وأكثر. كما انه يحتاج الى الكثير من الوقت، وقد لا يناسب من يتداولون في وقت محدود او تحت ضغط، فالكثير من الوقت يعني الكثير من الصفقات وتنفيذ الأستراتيجية بشكل صحيح. كما انه من المهم التحقق من تكاليف فتح الصفقات في منصة التداول الخاصة بك، وهل الفروقات كبيرة ام صغيرة، فيمكن لهذه الرسوم ان كانت كبيرة ان تأكل الأرباح بالكامل.
- التداول اليومي
يعتمد المتداولون بشكل يومي (Day traders) على فتح صفقات الشراء او البيع وإغلاقها في نفس اليوم، وذلك لتجنب رسوم تبييت الصفقات. فغالباً ما تضع منصات التداول رسوم تبييت (Swap) حيث يدفعها المتداول في حال تبييت الصفقة الى اليوم التالي. ونظام التداول اليومي هو نظام قصير المدى ايضاً، ولكنه اطول نسبياً من سكالبينج. يجب على المتداول اليومي ان يتحلى بالقدرة على اتخاذ القرارات السريعة من حيث نقطة الدخول او الخروج من السوق، وذلك لتجنب انقلاب الأسعار عليه.
عليك ان تعرف ان الأمر ليس إلزامياً، فحتى المتداولون اليوميون المحترفون، يمكن ان يقرروا ان يتركوا صفقاتهم الى اليوم التالي لتجنب الخسارة. فالأمر كله يعتمد على التحليل وتوقع تحرك الأسعار بشكل عام في السوق، وبشكل خاص في الصفقة الخاصة بك.
- التداول المتأرجح
التداول المتأرجح (Swing trading) تُعتبر إستراتيجية وسيطة بين التداول قصير المدى ومتوسط المدى. فيمكن ان يقرر المتداولون به ترك الصفقات مفتوحة لعدة أيام او حتى اسابيع. هذه الأستراتيجية تعتمد على التنبؤ بتغير السعر ومتى سيحدث هذا التغيير، مع التحليل المستمر وفهم مستحدثات السوق. حيث يعتمد التداول المتأرجح على التحليل الفني والأساسي، وفهم المؤثرات على حركات الأسعار، سواء من أخبار إقتصادية او حتى سياسية.
رسوم التداول قصير المدى
في التداول قصير المدى، يجب مقارنة الرسوم بين المنصات المختلفة، حيث تعتمد معظم طرقو إستراتيجيات قصيرة المدى على فتح صفقات قصيرة وكثيرة من حيث العدد. من ضمن هذه الرسوم هي فروق الأسعار بين البيع والشراء، حيث تضع منصات التداول رسوم كربح لها، حاول قدر الإمكان ان تجد المنصة الأقل رسوماً. ولا تنسى ايضاً رسوم التبييت، وهي الرسوم التي سيتم فرضها عليك في حالة ترك صفقاتك مفتوحة الى اليوم التالي. وإن كنت من المتداولين المهتمين بتداول عقود الفروقات، يجب عليك النظر الى العمولات، حيث تفرض منصات التداول العمولات لتداول هذه العقود.
استراتيجيات للتداول قصير المدى
ان كنت من محبي توصيات التداول، فقد تحتار، كيف يقوم مقدم التوصيات بتحديد نقاط الدخول ونقاط وقف الخسارة؟ بالضبط هذا ما يمكنك ان تفعله بنفسك ان طبقت إحدى استراتيجيات التداول، فهي توضح متى تدخل وتخترق السوق، وما مقدار الربح الذي يمكنك توقعه، ومتى تخرج في حال الخسارة لمنع نزيف الخسار. تعتمد معظم الاستراتيجيات على التحليل الفني وهو يتضمن المؤشرات والأنماط لتحديد نقاط الدخول والخروج، ومن ضمن الاستراتيجيات:
- استراتيجية الزخم
الزخم في التداول يُعني ببساطة القوة في تغير اتجاة السعر، وهذا يعني ان تحرك السعر، وكان وراء هذا التحرك قوى كبيرة من حيث الحجم والعدد، يمكن ان يستمر التحرك في نفس الاتجاة لفترة أطول. تخيل ان عدد كبيرة من المستثمرين قرروا شراء اليورو مقابل الدولار، فسيرتفع اليورو وسيستمر في الارتفاع كلما كانت الاحجام كبيرة وسريعة. ولكن عليك ايضاً توقع ان كل من اشترى وضارب بسرعة، سوف يبيع بسرعة أيضاً في حال هبوط السعر! لذا كلما ارتفع بسرعة هبط بسرعة، وهنا يتحرك المتداولون المعتمدون على الزخم، لمحاولة العثور على القمم او القيعان السريعة وتوقع حدوث العكس!
- تداول النطاق
تداول النطاق هو من اشهر استراتيجيات التداول قصير المدى، والتي تعتمد على ايجاد خطوط الدعم والمقاومة. وهذه الخطوط يمكنك منها كمتداول توقع ارتفاع او انخفاض السعر. خطوط الدعم والمقاومة، تشكل حاجز مالي ونفسي لدى المضاربين، دعني أشرح لك، أن علمت ان صديق مقرب لك قام بشراء هاتف بسعر 500 دولار، ولكن عندما حاولت البحث عنه وجدته يُباع مقابل 600 دولار، فقد لا تشتري، ولكن عندما تعلم ان السعر اصبح 500 دولار ستشتري! خطوط الدعم هي الخطوط التي يقوم المتداولون بالشراء عندها، وفتح الصفقات وانتظار صعود الأسعار مرة آخرى.
أما المقاومة هي العكس، فمثلاً في نفس المثال السابق، عند ارتفاع سعر الهاتف مرة آخرى ووصول سعره الى 600 دولار، فسوف تتوقع ان هذا اعلى سعر يمكن الوصول إليه، وستبيع. خطوط المقاومة هي المناطق التي يميل المضاربون الى إغلاق صفقاتهم لجني الأرباح، أو بدء فتح صفقات بيع.
- تداول الاختراق
تعتمد إستراتيجية تداول الأختراق الى مراقبة السوق ومحاولة إيجاد نقاط يمكن ان يخرج فيها السوق عن المألوف ويخترق النطاق. بمعنى اخر، في المثال السابق للهاتف، يعتمد المتداولون بهذه الاستراتيجية محاولة توقع متى سيرتفع السوق عن 600 دولار للشراء من هذه النقطة، فمثلا، هل هناك ظروف اقتصادية تدعم هذا الارتفاع؟ هل هناك اخبار سياسية؟ يسعى هؤلاء المتداولين على ايجاد نقاط تغير في معنويات السوق.
الملخص
يوفر التداول قصير المدى، فرصًا فريدة للمتداولين للاستفادة من تحركات الأسعار خلال اليوم. يتطلب النجاح في هذه البيئة سريعة الخطى مزيجًا من التعليم والانضباط والاستراتيجيات الفعالة. من خلال الالتزام بالنصائح والاستراتيجيات الموضحة في هذه المقالة، يمكن للمتداولين اليوميين التغلب على تحديات التداول قصير المدى والعمل على بناء مهنة تداول ناجحة ومستدامة. تذكر أن التعلم المستمر والأنضباط من أهم الطرق للنجاح في عالم التداول اليومي المتغير بسرعة.