يهرب الكثير من موظفي الدوام الكامل الى التداول كنوع من تحقيق الدخل وزيادة الأرباح وذلك لسهولة التداول، وإمكانية تحقيق ثروة كبيرة برأس مال متواضع. لذا اصبح سوق الفوركس، هو السوق الأضخم والأكثر سيولة في العالم، وقد ذاع صيته في وطننا العربي في السنوات الأخيرة، مما زاد زخم التداول بين المتداولين العرب. ومع انتشار التداول في الدول العربية، قد انكشف الغموض حول الكثير من التساؤلات، ولكن ظلت الأمور الضريبية غامضة وغير واضحة.
يجب ان نعرف في البداية ان قوانين الضرائب تختلف من دولة الى آخرى، فمثلاً في المملكة العربية السعودية، هناك ما يُسمى ضريبة الدخل وايضاً الزكاة، وهي تختلف عن دولة الأمارت او مصر على سبيل المثال. ولكن في العموم يجب ان تلتزم ضريبياً، لأن عدم الألتزام الضريبي قد يضعك تحت طائلة القانون، ولكن هل هذه الضرائب تؤثر على ارباحك بشكل كبير؟ في هذه المقالة سوف نتحدث ونكشف الغموض حول ضرائب متداولي الفوركس في الدول العربية، وكيف يمكنك تقليل تأثيرها بشكل ملحوظ، فتابع المقالة للنهاية.
تداول الفوركس او ما يُسمى بسوق الصرف الأجنبي، هو سوق يتم تبديل العملات به على هيئة صفقات بيع وشراء بين ازواج العملات المختلفة. قد يُشار ايضاً الى الاسواق المرتبطة به باسم الفوركس “مجازاً” مثل سوق الأسهم، او تداول المعادن مثل الذهب، أو حتى تداول العملات المشفرة. يتم تداول الفوركس عن طريق وسطاء يعملون كوسيط بين المتداول وبين البورصات العالمية، ويحققون ارباحهم عن طريق هامش صغير جداً بين سعر البيع والشراء.
يعمل سوق الفوركس 5 ايام في الأسبوع من الأثنين الى الجمعة، ويومي السبت والأحد اجازة، نظراً لتوقف البورصات العالمية. ولكن اسواق تداول العملات المشفرة، لا يوجد بها اي عطلات، وذلك لانها لا تنتمي الى اي بورصة عالمية، ولا يتم تنظيمها في مؤسسات مالية. يحقق المتداول الأرباح عند فتح صفقات ناجحة والمضاربة في الاتجاة الصحيح سواء صعوداً أو هبوطاً، وبعدها يقوم بإغلاق الصفقة وجني الأرباح.
تختلف قيمة الضرائب على تداول الفوركس بين بلد وآخر، سواء من حيث قيمة تلك الضرائب او حتى المسميات. في العالم العربي، تعتمد المعاملات الضريبية للفوركس، على قوانين ولوائح كل دولة، ولكن في الغالب يتم معاملتها كنوع من انواع دخل الفرد او دخل استثماري. ويتم تحديد نوع ومبلغ الضرائب حسب الكثير من العوامل، ومنها:
يمكن ان يكون الدخل او الارباح الناتجة عن تداول الفوركس، مستمرة أو متقطعة حسب طبيعة التداول. فمثلاً بالنسبة للمتداولين غير المستمرين، والذين يحاولون تحقيق دخل جانبي بجوار مهنتهم الأساسية، قد تعتبر الدول مكاسبهم على انها مكاسب رأس المال، وهو نوع من المكاسب يقوم الفرد بجنيه عندما يبيع أصل بأكثر من ثمن الشراء.
أما بالنسبة للمتداولين بدوام كامل، وهم في الغالب متداولين يوميين، والذين ينخرطون في تداول الفوركس بشكل أساسي لتحقيق الدخل، يمكن ان تخضع ارباحهم لضريبة الدخل العادي، كأنها وظيفة تقليدية. في الغالب تكون ضريبة الدخل، أعلى من ضريبة رأس المال، لذا ان استطعت تحويل ضرائبك الى هذا النوع، ربما ستقلل من الضرائب بشكل كبير.
ولكن كيف يحدد خبراء الضرائب طبيعة الدخل للمتداولين؟
ينظر خبراء الضرائب الى العديد من العوامل، والتي منها عدد الصفقات او مرات التداول، فكلما زاد عدد الصفقات او مرات التداول، يمكن اعتبار الأرباح على انها ارباح دخل عادية. وكذلك حجم الصفقات، كلما كان حجم الصفقات اكبر، وخلال فترات زمنية قصيرة، يمكن اعتبارها نشاط تجاري او رأس مالي، وليس داوم او وظيفة للفرد.
بعد ان قمنا بشرح وفهم طبيعة الدخل المختلفة، سواء ان كانت رأس مال او دخل عادي (وظيفة)، فإن معدلات الضرائب تختلف أيضاً طبقا لطبيعة الدخل هذه. في الغالب، يتم فرض ضرائب على ارباح رأس المال بمعدلات اقل من الدخل العادي، ولكن عليك مراجعة قوانين بلدك وخبراء الضرائب بها. فبالنسبة لضرائب الأرباح الرأسمالية، فالعديد من قوانين الدول، تفرق بين الأرباح قصيرة وطويلة الآمد (التي يتم جنيها بعد استثمار دام لأكثر من عام كامل).
وفي معظم الأحوال يتم فرض ضرائب اكبر على الأرباح قصيرة المدى مقارناً بالأرباح طويلة الأجل والتي ظل المتداول عالق في صفقاتها لأكثر من عام. هناك العديد من البلدان التي تقوم بحساب الضرائب على هيئة شرائح، فكلما زادت الأرباح زادت الضرائب أيضاً. أما بالنسبة لمعدل ضريبة الدخل، فإنها يتم حسابها على هيئة هامش من دخل المتداول، وكلما زاد الدخل زادت الضريبة أيضاً، وتختلف النسبة من دولة لآخرى.
تقوم الدول بحساب الضرائب على صافي الربح، لذا يمكنك كمتداول فوركس ان تقوم بإستقطاع وخصم النفقات التي قمت بصرفها على نشاطك التداولي بما يساعدك في تقليل إلتزامك الضريبي الإجمالي. السر هنا، هو الأحتفاظ بكافة الفواتير والسجلات بشكل دقيق والتأكد من ان جميعها من أماكن موثوقة ويمكن استخدام تلك الفواتير في ضرائبك. هناك العديد من المصروفات التي يمكنك خصمها، مثل خصم رسوم التداول المدفوعة للوسطاء لتنفيذ الصفقات، كمصاريف تجارية، مثل رسوم تبييت الصفقات او الفروقات بين البيع والشراء وغيرها.
هناك ايضاً العديد من المتداولين الذين يقومون بشراء برمجيات مدفوعة سواء لحماية اجهزتهم من الأختراق او ادوات متقدمة لتحليل السوق واكتشاف فرص جديدة، يمكنك خصم تلك المصاريف ايضاً. لا تنسى فواتير الأنترنت، فأنت كمتداول نشط، تحتاج الى انترنت بشكل دائم لتنفيذ صفقاتك إلكترونياً، وبالتالي فهذه المصاريف يمكن اعتبارها تجارية ويمكن استقطاعها.
يمكن ايضاً للمتداول ضم العديد من الأجهزة التقنية المستخدمة في التداول مثل اللابتوب، أو الشاشات او التابلت او حتى الهاتف وغيرها من المعدات، وحتى الأدوات المكتبية، الى قائمة المصاريف القابلة للخصم من الضرائب. العديد من الدول تسمح بتجديد تلك الأجهزة بعد فترة وإعادة إدخالها في قائمة المصاريف القابلة للخصم مرة آخرى. يمكن خصم الرسوم مقابل الخدمات المهنية، مثل استشارة المحاسبين والمحامين وخبراء الضرائب وحتى استشاريين التداول.
في كل دولة هناك هيئة مسئولة عن جمع الضرائب في وزارة المالية، مثل هيئة الزكاة والمال في المملكة العربية السعودية، وغيرها من الهيئات المماثلة في كل دولة. يجب على المتداولين الإبلاغ بأنفسهم عن أرباحهم من تداول الفوركس بشكل شفاف. يجب على المتداول الإفصاح عن حجم أرباحه ومصاريفة أيضاً ليتم إستقطاعها من الضرائب، وكذلك الخسائر، في حالة الخسارة.
في معظم الدول، يكون تقديم تقرير الضرائب والدخل بشكل سنوي، ويجب الألتزام بهذا المعاد، حتي تتجنب اي عقوبات مالية قد تقع عليك بسبب التأخير. وكذلك تقديم كافة المستندات المطلوبة، وهي في الغالب تكون ارصدة حساباتك في البنوك المختلفة وكذلك سجلات مفصلة لجميع معاملاتك في سوق الفوركس بالتواريخ والمبالغ والعملات المتداول عليها، لتحديد حجم الربح والخسارة الناتجة. تقوم بعد ذلك الهيئات الضريبية بالتدقيق في تلك المستندات ومراجعتها والتأكد من صحتها لتحديد حجم الضريبة المناسبة.
نظراً لإختلاف طرق حساب التداول والضريبة بين الدول المختلفة، فقد اعددنا معلومات مبسطة عن الضرائب في بعض الدول العربية الكبرى. ولكن عليك مراجعة قوانين بلدك، واستشارة خبير ضرائب للتأكد من صحة المعلومات قانوناً وذلك لتطبيق تلك القوانين المعمول بها على حالتك ومحاولة تخفيض ضرائبك والأمتثال الضريبي الأمثل.
في السعودية، لا يتم فرض ضرائب على الدخل الشخصي للأفراد، ولكن المواطنين السعوديين او حتى المقيمين والذين لديهم انشطة تجارية، مثل تداول الفوركس، يخضعون للزكاة. الزكاة هي الضريبة في الدين الإسلامي، ويتم إحتسابه بنسبة 2.5% من صافي ربح التاجر. الزكاة يتم فرضها على الانشطة التجارية، لذا يخضع المتداول لهذه الضريبة في حال اثبات ان عمليات التداول بهدف التجارة وليس كعمل مهني او وظيفة.
لا تفرض دولة الإمارات العربية المتحدة ضريبة الدخل الشخصي على الأفراد، مما يجعلها الأفضل لمتداولي الفوركس المحترفين، والذين يريدون تعظيم أرباحهم وتقليل النفقات. ومع ذلك، يجب على المتداولين أن يكونوا على بضريبة القيمة المضافة إذا كانوا يقدمون خدمات مالية أو استشارات تتعلق بتداول العملات الأجنبية. يجب على الشركات العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تتجاوز حجم مبيعاتها السنوية 375,000 درهم إماراتي التسجيل في ضريبة القيمة المضافة والالتزام باللوائح.
في مصر، تخضع أرباح تداول العملات الأجنبية لضريبة الدخل. ويعمل النظام الضريبي في مصر على هيئة شرائح تصاعدية، اي انه كلما زادت ارباحك، زادت ضرائبك أيضاً. يجب على المتداولين المصرييين الإفصاح عن إشتراكهم في سوق الفوركس وتحقيق الربح عن طريق فتح ملف ضريبي في مصلحة الضرائب المصرية. تهتم هيئة الضرائب المصرية بالمستندات، لذا يجب على المتداول تقديم كافة المستندات التي تؤكد ان ارباحه من الفوركس، وكذلك كشوفات المصاريف والفواتير المتعلقة بها.
يمكن لمتداولي الضرائب القيام بالعديد من الأستراتيجيات لتقليل قيمة الضرائب الملزمين بها قانوناً، وذلك بشكل قانوني عبر:
في الحقيقة هناك العديد من الطرق التي يمكن اللجوء إليها للحصول على الإعفاء الضريبي، فهناك العديد من الدول التي لا تفرض ضرائب والتي يمكنك تسجيل عمل تجاري او تسجيل شركه بها. ونظراً للمعاهدات التي تعفي المواطنين من الازدواج الضريبي، يمكن ان يتم إعفائك من الضرائب في دولتك ان كان عملك مسجل قانوناً في إحدى الدول التي لا تفرض ضرائب من الأساس. ولكن عليك مراجعة قوانين بلدك وقوانين بلد الإعفاء الضريبي للتأكد من هذه المعلومات بشكل دقيق.
يمكن للمتداولين جني الكثير من الأرباح عبر تداول الفوركس، فهو سوق مفتوح للجميع ويمكن لليقيظين تحقيق ارباح كبيرة برأس مال صغير. ولكنه أيضاً يأتي مع إلتزامات ضريبية يجب على المتداولين الألتزام بها لضمان الأمتثال الضريبي وعدم الوقوع تحت طائلة القانون. تختلف قوانين التداول بين الدول المختلفة، فمنها من يفرض ضريبة القيمة المضافة، ومنهم من يفرض الزكاة وهناك دولاً لا تفرض اي ضرائب من الأساس.
من خلال فهمك لطرق حساب الضرائب، وطبيعة الضرائب يمكنك تقليل ضرائبك عبر الأستفادة من طرق الاستقطاع الضريبي او الإعفاء الضريبي. ننصحك بالأستعانة بخبراء الضرائب في بلدك، وذلك لضمان الامتثال الضريبي. نتمنى لكم تداول موفق ورابح دائماً.