سنتحدث اليوم عن واحدة من أكثر أدوات التداول شهرة وأيضاً عدم وضوح بين المتداولين حول العالم، فمعظم المتداولين ينظرون الى التداول كمجرد تداول للعملات او المعادن النفيسة مثل الذهب. ولكن عند ذكر مصطلح مثل تداول الخيارات او العقود الأجلة، قد تصيبهم دهشة او استفسارات ويظنون ان هذه الأدوات مجرد أدوات تداول تكميلية او رفاهية، وانها ليست أساسية. قد يكون كافياً كمتداول مبتدأ ان تعتمد على الأدوات التقليدية للتداول مثل العملات او الذهب، ولكن من المهم ان كنت تطمح للاحتراف ان تنظر الى باقي الأدوات المالية للمعرفة او لتنويع محفظتك الاستثمارية أيضاً.
تلعب المشتقات المالية دوراً محورياً وأساسياً في عالم التداول اليوم، وقد تكون هذه الأدوات هي الأساس عندما نفاضل ونقارن بين شركات التداول المختلفة، حيث ان الكثير من هذه الأدوات قد لا توفرها شركات التداول الجديدة والغير موثوقة. وحتى وان قدمتها العديد من الشركات قد تكون الرسوم مختلفة عن بعضها البعض، وذلك لأن هذه الأدوات تعتبر عقد بينك وبين الوسيط في الأساس، لذا من المهم ان تعرف ماذا تعني كل أداة مالية وكيف تعمل وكيف تستخدمها بشكل احترافي. في هذه المقالة سوف نتحدث باستفاضة عن المشتقات المالية وأنواعها، وكيفية الاستفادة منها واستعمالها لزيادة أرباحك، مع التركيز على المخاطر وكيفية تجنبها، فتابعنا للنهاية!
ما هي المشتقات المالية؟
المشتقات المالية ببساطة هي عقود بين المتداول “الفرد” وبين الوسيط “شركة التداول”، هذه العقود تستمد قيمتها من أداء أحد الأصول الأساسية او المؤشرات. اي ان المتداول في هذه الحالة لن يقوم بالشراء الفعلي لهذه الأصول، بل فقط المضاربة والمراهنة على الأداء سواء صعود او هبوط، والربح من الفارق في السعر وقت التنفيذ ووقت انهاء الصفقة. يمكن ان تكون هذه الأصول الأساسية من أسهم للشركات او سندات أو سلع مثل الذهب، أو عملات مشفرة، أو مؤشرات مثل مؤشر ناسداك (وهي تجمع أداء الكثير من الشركات في قطاع معين او دولة معينه).
تعتبر المشتقات المالية مهمة جداً في عالم التداول الحديث، فهي تمكن المتداول من المضاربة وفتح صفقات على أصول جديدة لم تكن موجودة من الأساس في اسواق الفوركس، مثل العملات المشفرة مثلاً. كما ان المشتقات المالية يمكنها ان تسهل على المتداول بيع وشراء الأسهم والعملات بدون اي امتلاك فعلي لها، فقط المضاربة على فارق السعر، فهي تلغي الحاجة للأعمال الورقية المعقدة التي يجب اللجوء لها في حالة شراء أسهم حقيقية.
تعتبر المشتقات عبارة عن اتفاقات بين طرفين أو أكثر، ويمكن تداولها في البورصة او حتى خارج البورصة، والتي يُرمز لها بـ OTC. على الرغم من سهولة فكرة المشتقات المالية إلا ان هناك العديد من الأنواع لها، ولكلاً منها فكرة مختلفة ومميزات وعيوب مختلفة أيضاً. فيمكن للمتداولين استخدام المشتقات المالية للتحوط من تقلب الأسعار حين يمتلكون أصولاً حقيقية، ويريدون الاستفادة من السوق صعوداً وهبوطاً. حيث ان في الأسواق الحقيقية، يمكن للمتداول شراء اسهم وبيعها حين يرتفع سعرها، ولكن لا يمكن المراهنة على انخفاض سعرها، لذا فقد يلجأ المتداول الى التحوط والأستفادة من انخفاض السعر من خلال المشتقات المالية.
مثال عملي لمعرفة أهمية المشتقات
كما ذكرنا ان المشتقات المالية يمكن استخدامها لأغراض التحوط من تغير أسعار الأصول سواء ان كانت عملات او اسهم او معادن، وهذا هو الغرض الأساسي الذي نشأت له المشتقات. حيث ان التجار الدوليين والمؤسسات الدولية أيضاً تريد ضمان ثبات اسعار السلع التي تشتريها او تنوي شرائها بغض النظر عن تغير اسعار صرف عملتها المحلية مقابل عملة البلد الأخرى. وهنا مثالنا، ولنفترض ان مستثمر من أوروبا وليكن من ايطاليا، وجميع حساباته وأمواله باليورو، وقد قام بشراء أسهم شركة أمريكية، وبالتأكيد قد قام بتحويل العملة من اليورو الى الدولار لإتمام الصفقة باستخدام الدولار الأمريكي.
هنا المستثمر الإيطالي مُعرض لمخاطر مزدوجة، حيث يمكن ان ترتفع قيمة الأسهم بالدولار الأمريكي ويحقق ربح دولار، ولكن من الممكن ان ينخفض الدولار الأمريكي نفسة أمام اليورو، وهو ما يجعل المحصلة النهائية خسارة! فما ربحه بالدولار، قد خسره عند تحويل العملة مرة أخرى من الدولار الى اليورو! لذا من المهم ان يقوم المستثمر باستخدام المشتقات المالية للتحوط من انخفاض الدولار أمام اليورو، ليضمن ثبات العملات وعدم الخسارة والانزلاق مع السوق في حالة الانخفاض.
أنواع المشتقات المالية
هناك العديد من المشتقات المالية، والتي تعتمد كما ذكرنا على أصول أساسية مثل العملات والأسهم وغيرهم، ولكن هناك أيضاً مشتقات مالية غريبة قد لا تعتمد على أصول مالية وتعتمد على مؤشرات مُبرمجة مثل مؤشر التقلبات. باختصار يمكننا تقسيم المشتقات المالية الى نوعان، وهو العقود المقيدة والخيارات. تتفرع العقود المقيدة الى العديد من الأنواع مثل العقود الآجلة والفيوتشر والمقايضات وغيرهم، ولكل نوع مختلف شروط مختلفة حسب ظروف العقد المتفق عليه من البداية، وكذلك قد يكون العقد مُحدد بوقت معين.
كما ان المشتقات المالية يمكن تقسيمها من حيث الالتزام، فيمكن ان يكون الطرفان ملزمان بنفس مدة العقد، والبيع في وقت انهاء العقد، او قد لا يكونا ملزمان بشيء ويمكن لكل طرف انهاء العقد وقتما يشاء حتى قبل انتهاء الصلاحية. وفي هذا الجزء سوف نتحدث عن الأنواع المختلفة من المشتقات المالية:
1. العقود الآجلة “Futures”
العقود الآجلة هي نوع من العقود التي تتم بين طرفين في سوق الفوركس، وهما المتداول وشركة الوساطة المالية، والعقد ينص على تسليم احد الأصول بسعر محدد في تاريخ مستقبلي. يعتبر هذا النوع من المشتقات المالية هو الأشهر ويتم تداوله في البورصات العالمية، وذلك للحد من زيادة الأسعار وضمان تأمين السلع الأساسية للدول المختلفة ويستخدمها المتداولون المحترفون للمضاربة على تغير الأسعار عند البيع والشراء، حيث ان البائع ملزم بالتسليم بالسعر المحدد مهما حدث في السوق من ظروف وتغيرات!
لزيادة الفهم، سوف نذكر مثال عملي، لنفترض ان في 1 يناير 2025 قمت بفتح عقد آجل لشراء النفط بسعر 70 دولار للبرميل، وان تاريخ انتهاء العقد في 28 فبراير 2025. قد تفتح هذه الصفقة الشركات التي تحتاج الى النفط وتخشى من ارتفاع سعره، لضمان الشراء بسعر المحدد، او انك متداول لديك توقع بارتفاع سعره خلال مدة التسليم. لنفترض ان عند تاريخ التسليم وهو 28 فبراير 2025 وصل سعر البرميل 85 دولار للبرميل الواحد، يمكنك هنا ان تقوم بإنهاء العقد قبل انتهاء الصلاحية وان تحتفظ بالربح وهو 15 دولار في البرميل الواحد.
العقود الآجلة تعتبر علاقة مكسب – مكسب بين البائع والمشتري أيضاً، ففي ظل خوفك من ارتفاع الأسعار وانك تريد الشراء بسعر محدد، فان الشركات المنتجة أيضاً تخشى انخفاض الأسعار، وعدم الوفاء بالالتزامات. ولكن عليك الأخذ في الاعتبار بان الأسعار يمكن ان تنخفض ويمكن ان تخسر أيضاً ان انقلب عليك السعر وظل الانخفاض في حالة استمرار حتى معاد انتهاء العقد. كما ان المتداولين لديهم الإمكانية في استخدام الروافع المالية، والتي يمكنها ان تزيد الأرباح والخسائر أيضاً بنفس الدرجة. يمكنك من خلال العقود الآجلة ان تفتح صفقات بيع أو شراء، فان قمت بفتح صفقات بيع، فسوف تربح في حالة انخفاض الأسعار، وسوف تخسر ان ارتفعت الأسعار، لذا عليك ان تقوم بتحديد اتجاه السوق بشكل صحيح.
2. العقود الآجلة “Forwards”
هو نوع من انواع المشتقات يشبه بشكل كبير جداً العقود الآجلة من النوع السابق ولكنه لا يتم تداوله في البورصة، فهو نوع OTC اي يتم التداول عليه خارج البورصات العالمية فقط. هذا النوع محفوف بالمخاطر بشكل كبير، ولا يُنصح به للمبتدئين، حيث ان العقد الآجل يتم تخصيصه من حيث الشروط والحجم وعملية التسوية بشكل مخصص، وهو يستلزم خبره كبيرة لقراءة العقود وفهم محتواها.
تمكن المخاطر لهذا النوع في فشل البائع من الوفاء بالتزاماته، او إعلان إفلاسه، هنا يجد المشتري نفسه في حالة مُعلقة، فقد لا يستطيع ان يقوم بتعويض خسارته من خلال التفاوض مع البائع. لذا من المهم ان تعرف من الطرف الاول في العقد وشروط العقد قبل ان تفتح صفقة في هذا النوع من المشتقات المالية، كما ان الخبراء ينصحون بتجنب الروافع المالية قدر الإمكان، او تقليلها الى اقل قدر ممكن.
3. تداول المبادلات “Swaps”
المبادلات هي نوع اخر شائع من المشتقات المالية، وهي عبارة عن اتفاقيات بين طرفين لتبادل التدفقات النقدية أو الالتزامات الخاصة بأدوات مالية مختلفة. وتشمل الأنواع الشائعة مبادلات أسعار الفائدة ومبادلات العملات. تتضمن المبادلات تبادل مدفوعات رأس المال والفائدة بعملات مختلفة، وغالبًا ما تستخدمها الشركات المتعددة الجنسيات لإدارة مخاطر الصرف الأجنبي. على سبيل المثال، قد تقوم شركة أمريكية تحتاج إلى اليورو بمبادلة الدولار باليورو مع شركة أوروبية تحتاج إلى الدولار، مما يخفف بشكل فعال من مخاطر سعر الصرف لكلا الطرفين.
مثال آخر، تخيل أن الشركة X تقترض مليون دولار وتدفع سعر فائدة متغير على القرض يبلغ 6%. تشعر شركة X بالقلق من احتمال ارتفاع أسعار الفائدة التي يمكن ان تتسبب في زيادة تكاليف هذا القرض أو مواجهة تقلق الحد الائتماني في حالة تعثر السداد. افترض أن شركة X تقوم بالمبادلة مع شركة Y، التي ترغب في تبادل المدفوعات المستحقة على القرض ذي السعر المتغير بالمدفوعات المستحقة على قرض ذي سعر فائدة ثابت بنسبة 7%. وهذا يعني أن شركة X ستدفع 7% لشركة Y على أصلها البالغ مليون دولار، وستدفع Y لشركة X فائدة بنسبة 6% على نفس الأصل. في بداية المبادلة، ستدفع شركة X لشركة Y فقط الفرق بنسبة 1% بين أسعار المبادلة.
4. الخيارات “Options”
الخيارات هي احدى المشتقات المالية الشائعة والتي تشبه في طريقة عملها العقود الآجلة، حيث انه تفاق وعقد بين طرفين للبيع او الشراء في تاريخ مستقبلي مُحدد وبسعر مُحدد. ولكن الفرق الجوهري هو الالتزام، في حالة الخيارات، فان المشتري غير ملزم بالتوقيت المحدد للعقد، بل إنه قادر على انهاء التعاقد في اي وقت. اي ان الخيارات تعتبر افضل خيار لمن يريد اقتناص الفرصة، دون التزام او تقييد ويمكنه الفوز حين تحقق الصفقة مرادها ويصل السعر الى المستوى المناسب.
هذا المشتق المالي الذي يتميز بالمرونة، يسمح للمتداولين بالاستفادة من تغير السعر والتحوط بدون مخاطر انقلاب السوق وقت التنفيذ، وهو يعطي لهم الحرية في فتح وانهاء الصفقات كما لو كانت صفقات عادية وليست عقود صلبة. كما ان البائع يجب ان يلتزم بالعقد والسعر المستقبلي، اما المتداول فله مطلق الحرية في فتح وانهاء الصفقات، والمميز ان الخيارات تحتوي على أصول متعددة مثل اسهم الشركات والمؤشرات التي يتم تداولها في البورصة، وهو ما يزيد من ثقة المستثمرين المتعاملين بها.
مميزات المشتقات المالية
- التحوط وإدارة المخاطر
المشتقات المالية لا غنى عنها للحد من المخاطر والتحوط من مخاطر مرتبطة بصفقات أخرى. يستخدمها متداولين الفوركس المحترفين للحماية من تحركات وانقلابات السوق. على سبيل المثال، يمكن للشركة التي تتوقع إيرادات بعملة أجنبية أن تتحوط ضد الانخفاض المحتمل في القيمة باستخدام الخيارات أو العقود الآجلة.
- المضاربة وفرص الربح
توفر المشتقات المالية طرقاً للمتداولين للمضاربة على تحركات الأسعار على مستوى العملات الحقيقية والعملات المشفرة والأسهم والمؤشرات. كما تسمح باستخدام الروافع المالية والتي يمكنها ان تحقيق أرباح كبيرة حتى مع التقلبات البسيطة في السوق، مما يجعل المشتقات المالية جذابة لمتداولي الفوركس النشطين والمتداولين اليوميين.
- تعزيز سيولة السوق
يضيف وجود أسواق المشتقات المالية العمق والسيولة إلى الأنظمة المالية، مما يتيح فتح وانهاء أسهل للصفقات في سوق الفوركس، وهو ما يضمن البيع والشراء في وقت قياسي وبالسعر المحدد.
- استخدام الروافع المالية
في الأسواق التقليدية، يمكنك شراء اسهم إحدى الشركات وليكن السهم مقابل 50 دولار وانتظار حتى يصل السعر الى 60 دولار والبيع لتحقيق الربح. أما مع المشتقات المالية، يمكنك استخدام الروافع المالية والتي يمكنها ان تضاعف المكسب حتى 100 ضعف بنفس رأس المال! فبدلاً من تحقيق 10 دولار في المثال السابق بالتداول التقليدي، فيمكنك تحقيق1000 دولار ان استخدمت رافعة مالية 100X. ولكن عليك ان تستخدمها بحرص، فيمكنها ان تتسبب في مضاعفة الخسائر بنفس المقدار أيضاً في حالة انعكاس السوق عليك.
تحديات تداول المشتقات المالية
بالرغم الكثير من المميزات التي يمكن ان تقدمها المشتقات المالية والتي تتلخص في المرونة وسهولة الاستخدام، إلا انها تحتوي على مخاطر وتحديات يجب ان نذكرها، ومن أبرزها:
- تقلبات السوق
جميع الأدوات المالية المرتبطة بالتداول تنطوي على مخاطر تقلبات السوق، والتي يمكن ان تكون حادة وسريعة في فترات الأزمات المالية والأخبار الساخنة، لذا يجب ان تتجنب التداول وقت الأزمات والاضطرابات الجيوسياسية. كما يجب ان تفعل أدوات ادارة المخاطر، مثل تفعيل أوامر وقف الخسارة وجني الأرباح التي تجعلك لا تضطر ان تراقب صفقاتك في كل لحظة للاطمئنان على حالة المحفظة الاستثمارية.
- مخاطر شركة التداول
عليك ان تعرف ان تقريباً جميع المشتقات المالية تعتبر بمثابة تعاون بينك وبين الوسيط المالي لذا من المهم اختيار شركة تداول موثوقة وذات سمعة طيبة ولديها خبرة طويلة في مجال التداول والوساطة المالية. تعتبر شركة سي إم تريدينج من افضل شركات الوساطة في الشرق الأوسط والوطن العربي عموماً، حيث انها حائزة على جائزة افضل وسيط مالي في الشرق الأوسط، كما انها مرخصة من أكثر مؤسسات العالم موثوقية في الرقابة المالية. لذا ينصح الخبراء بالتعاون مع شركة سي إم تريدينج وخصوصا في مجال تداول العقود الآجلة والمشتقات المالية.
الملخص
تحدثنا في هذه المقالة عن المشتقات المالية، وكيف نشأت وما هي طريقة عملها، من المؤكد ان معرف طريقة عمل الأداة المالية مهم جداً للتعامل معها واستخدامها بشكل صحيح. تعتبر المشتقات المالية هي احد اهم أدوات الاستثمار الحديث، فهي تجمع بين الاستفادة من الأصول المالية المختلفة، وكذلك المرونة وعدم التعقيد. تختلف المشتقات المالية فيما بينها من حيث طريقة العمل والألتزام بين الأطراف المختلفة، لذا من المهم ان تعرف ان هذه المشتقات تعتبر عقود، ومن الضروري ان تعرف شروط هذه العقود بشكل جيد.