في عالم الفوركس اليوم، أنتشر تداول عقود الفروقات أو تداول CFD بشكلاً ملحوظ وبارز، وأصبح وسيلة هامة للمستثمرين والمتداولين للإستفادة من الأصول المالية المختلفة. ونقصد بالأصل المالي (Assets) بانه الأمتلاك الحقيقي لشيء، فمثلاً إن اشتريت أسهماً في شركة تسلا، فهنا انت تمتك أصول في شركة تسلا، وتصبح شريكاً لها. ولكن هل يجب أن تمتلك الأصول لتستفاد من فروق الأسعار؟ أم هناك حلاً آخر؟
هنا يأتي دور تداول عقود الفروقات، ويأتي أيضاً فهم الأسباب وراء زيادة شعبيتها المتزايدة يوماً بعد يوم. فقد قدمت هذه الأداة المالية تسهيلات كثيرة للمتداولين والمضاربين في سوق الفوركس، وجعلت هناك حلاً للأستفادة من تغير الأسعار سواء هبوطاً أو صعوداً وإمكانية تحقيق الأرباح دون إمتلاك أصول حقيقية فيها. سوف نتحدث بإستفاضة عن تداول عقود الفروقات وأهميتها، وكيفية إدارة المخاطر المتعلقة بها في هذه المقالة الشيقة، فتابعها للنهاية.
ما هي عقود الفروقات؟
عقود الفروقات (CFD) هي أداة مالية أو مشتق مالي متطور، يمكن المتداولين من بيع وشراء الأصول من اسهم والمؤشرات والعملات المشفرة دون إمتلاكها بشكل حقيقي. وذلك لفتح صفقات بيع وشراء للأستفادة من تغيرات الأسعار سواء صعوداً أو هبوطاً بتقنية تداول متطورة. تكمن الميزة الفريدة لعقود الفروقات في طبيعتها التعاقدية، حيث يدخل المتداولون في اتفاقية مع وسيط لتبادل الفرق في قيمة الأصل منذ افتتاح العقد وحتى إغلاقه.
وهذا يعني أنه يمكن للمتداولين الاستفادة من الأسواق الصاعدة والهابطة، مما يفتح الباب أمام فرص تداول متنوعة. توفر عقود الفروقات المرونة، حيث يتم تداولها على الهامش، مما يسمح للمتداولين بالتحكم في صفقات أكبر باستخدام مبلغ أصغر نسبيًا من رأس المال. ومع ذلك، من المهم بالنسبة للمتداولين فهم المخاطر الكامنة المرتبطة بتداول عقود الفروقات وتنفيذ استراتيجيات فعالة لإدارة المخاطر للتنقل بنجاح في هذه المشتقات المالية المعقدة.
لماذا يفضل المحترفون تداول عقود الفروقات؟
توفر عقود الفروقات للمتداولين إمكانية وصول لا مثيل لها إلى الأسواق الدولية من حيث السهولة والسرعة والمرونة أيضاً. مما يتيح للمتداولين بتنويع محافظهم الاستثمارية، والاستفادة من الاتجاهات والفرص الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.
توفر العقود مقابل الفروقات قدرات تحوط فريدة من نوعها، مما يسمح للمتداولين بتخفيف المخاطر في المحافظ الاستثمارية التقليدية. وسوف نتحدث عن هذا الجزء بشكل خاص ومفصل، حيث سنهتم بفهم إدارة المخاطر لعقود الفروقات.
مخاطر تداول عقود الفروقات
هناك مخاطر في جميع عمليات التداول، وشركات الوساطة المالية دائماً ما تقدم التحذيرات للتداول بحرص وحماية رأس المال. ولكن لكي تتجنب شيئاً ما عليك ان تعرف ما هو في الأساس. وسوف نتحدث عن المخاطر في ثلاث محاور، وهم مخاطر تتعلق بالسوق بشكلاً عام، ومخاطر تتعلق بالمتداول بشكل شخصي، ومخاطر تتعلق بشركة الوساطة.
- مخاطر السوق
الأسواق المالية شديدة التقلب، وخصوصاً في الأزمات وأوقات الأخبار الأقتصادية. يتأثر السوق باستمرار بالأخبار والآراء والاتجاهات والقرارات السياسية، وغالبًا ما تتفاعل الأسعار خلال أجزاء من الثانية. يمكن ان يتحكم صانع السوق أيضاً، أو حد روادة من كبار المضاربين في حركة السوق عبر تنفيذ عمليات بيع أو شراء ضخمة مما يغير مسار السوق.
فجوات السوق من المخاطر المهمة أيضاً، وهي تغيرات كبيرة في السعر تظهر على الرسم البياني للسعر على شكل فجوات في السعر. تحدث عادةً عندما يكون السوق مغلقًا، لكن الأسواق المفتوحة يمكن أن تتفاعل أيضًا مع الأخبار غير المتوقعة بطريقة تؤدي إلى إغلاق أوامر التداول بعيدًا عن العتبة المطلوبة.
- مخاطر متعلقة بالمتداول
تلعب العوامل النفسية دورًا حاسمًا في قرارات التداول. أحد المخاطر الملحوظة هو الافتقار إلى المعرفة والفهم الكافيين حول العقود مقابل الفروقات والأسواق المالية التي تمثلها. يمكن أن تؤدي المعرفة غير الكافية إلى اتخاذ قرارات سيئة، مما قد يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة.
هناك خطر آخر خاص بالمتداول وهو التداول العاطفي، حيث يتفاعل الأفراد بشكل اندفاعي مع تقلبات السوق بناءً على الخوف أو الجشع أو المشاعر الأخرى. يمكن أن يؤدي اتخاذ القرار العاطفي إلى اختيارات غير عقلانية، مما يجعل المتداول ينحرف عن استراتيجية تداول مدروسة من قبل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر التحيزات السلوكية، مثل الثقة المفرطة أو النفور من الخسارة، على حكم المتداول وتساهم في تحقيق نتائج دون المستوى الأمثل.
- مخاطر تتعلق بشركة التداول
أحد المخاطر الكبيرة ينطوي على حدوث خلل فني قد يؤدي إلى تعطيل أنشطة التداول مؤقتًا. يعتمد المتداولون بشكل كبير على استقرار وموثوقية المنصات التي يختارونها، وأي توقف غير متوقع يمكن أن يؤدي إلى ضياع الفرص أو خسائر مالية.
تلعب المخاوف الأمنية أيضاً دوراً مهماً حيث أن منصات التداول غير المرخصة عرضة للتهديدات السيبرانية ومحاولات القرصنة. علاوة على ذلك، فإن الاختلافات في أداء المنصة، بما في ذلك التأخير في تنفيذ الطلب أو التناقضات في البيانات في الوقت الفعلي، يمكن أن تؤثر على دقة قرارات التداول.
تحديد المخاطر في تداول عقود الفروقات
- تحليل الأخبار والأحداث: من الأمور الهامة لتحديد المخاطر القدرة على تحليل وتفسير الأخبار والأحداث. من المهم دمج الأخبار وتحليل الأحداث في تقييم المخاطر الخاص بهم، مما يضمن أن المتداول على اطلاع جيد بالأحداث المحتملة التي تحرك السوق. على سبيل المثال، فإن كانت هناك أخبار إقتصادية، يمكن ان تؤثر على حركات السوق، يمكنك ان تختار إغلاق صفقاتك، أو عدم الدخول في صفقات جديدة حتى انتهاء هذه الفترة الخطرة.
- المؤشرات الفنية لتحديد المخاطر: التحليل الفني هو أداة قوية لتحديد المخاطر. يمكن ان تزود المؤشرات الفنية المتداولين برؤى قيمة حول اتجاهات السوق والانعكاسات المحتملة. توفر هذه المؤشرات، المستمدة من بيانات الأسعار والحجم التاريخية، وسيلة كمية لتحليل سلوك السوق. تشمل المؤشرات الفنية الشائعة المتوسطات المتحركة، ومؤشر القوة النسبية (RSI)، وخطوط بولينجر، وMACD (مؤضر ماكد)، ومؤشرات فنية آخرى ايضاً.
استراتيجيات إدارة المخاطر
تعتبر استراتيجيات إدارة المخاطر الفعالة من أهم أمور التداول، والتي يمكن ان تمنع خسائر فادحة، أو حتى خسارة رأس المال بشكل كلي! يعتبر المتداولون المحترفون ان استراتيجيات ادارة المخاطر هي الدرع الواقي ضد تقلبات السوق، وخصوصاً في تداول عقود الفروقات. عمل العديد من الاستراتيجيات المدروسة على تمكين المتداولين من تخفيف المخاطر المحتملة وتعزيز الاستقرار العام لمحافظهم الاستثمارية، ومنها:
- تعيين أوامر إيقاف الخسارة: يعد إنشاء نقاط خروج محددة مسبقًا بمثابة حجر الأساس في إدارة المخاطر. تعمل أوامر وقف الخسارة بمثابة شبكة أمان، حيث تؤدي تلقائيًا إلى بيع الأصل عندما يصل إلى مستوى سعر محدد، مما يحد من الخسائر المحتملة. لا يمكن تخيل سيناريو ان يفتح المتداول صفقة، وينام ثم يستقيظ على خبر خسارة كل رأس المال!
- التنويع: إن تنويع الاستثمارات عبر فئات الأصول المتنوعة يمكن أن يقلل من تأثير الحركات السلبية في سوق واحدة. يعمل التنويع كأداة لتخفيف المخاطر، مما يسمح للمتداولين بموازنة محافظهم الاستثمارية وتقليل مخاطر التركيز. فيمكنك ان تتداول في الكثير من الفئات، سواء العملات او المعادن او السلع الآخرى، او الأسهم أو حتى المؤشرات.
- حجم الصفقة: يعد تحديد الحجم المناسب لكل صفقة تداول بناءً على مدى تحمل المخاطر والحجم الإجمالي للمحفظة أمراً لا يمكن إهماله. ويضمن تحديد الحجم المناسب للصفقة عدم وجود أي صفقة منفردة لها تأثير كبير على المحفظة الإجمالية، مما يحمي المتداول من الخسائر الكبيرة.
- التكيف مع ظروف السوق: يعد التعرف على ظروف السوق المتغيرة والتكيف معها من الأمور المهمة لإدارة المخاطر. قد تتطلب الاستراتيجيات التي تعمل بشكل جيد في الأسواق ذات الطبيعة الخاصة لتعديلات في الأسواق المتنوعة، لذا على المتداول التحلي بالمرونة.
- رأس المال: لا تتداول بمبلغ لا يمكنك خسارته، فكل السيناريوهات متاحة في عالم الفوركس، وما يجعلك تربح اليوم، هو نفسه ما قد يجعلك تخسر غداً.
الروافع المالية بين الربح والمخاطر
تسمح الرافعة المالية للمتداولين بفتح صفقات بجزء صغير من إجمالي قيمة التداول، مما يزيد من تأثير تحركات السوق. في حين أن الرافعة المالية يمكن أن تؤدي إلى تضخيم الأرباح، فإنها تعرض المتداولين أيضاً لزيادة التقلبات واحتمال حدوث خسائر كبيرة. إن الفهم الدقيق للرافعة المالية أمر ضروري للتداول المسؤول والفعال.
الرافعة المالية في جوهرها هي اقتراض الأموال لزيادة حجم صفقة التداول، مما يمكّن المتداولين من التحكم في صفقات أكبر مما يسمح به رأس مالهم الأولي. يتطلب التداول بالرافعة المالية الحفاظ على هامش، وهو نسبة مئوية من إجمالي قيمة التداول. يعد فهم متطلبات الهامش أمرًا بالغ الأهمية لتجنب نداءات الهامش والتصفية المحتملة للمراكز.
الرافعة المالية تضاعف الأرباح والخسائر. وفي حين أنه يمكن أن يزيد المكاسب بشكل كبير، فإنه يشكل أيضًا خطر حدوث خسائر كبيرة، مما يؤكد أهمية الاستخدام الحذر لهذه الأداة. يعد تقييم نسبة المخاطرة إلى الربح لكل صفقة أمراً أساسياً عند استخدام الرافعة المالية. يجب على المتداولين التأكد من أن الأرباح المحتملة تبرر المخاطر المتزايدة المرتبطة بالصفقات ذات الرافعة المالية.
نصائح لتداول عقود فروقات بنجاح
يتطلب تحقيق النجاح في تداول العقود مقابل الفروقات مزيجًا من المعرفة والانضباط واتخاذ القرارات الصحيحة وإدارة المخاطر بشكل فعّال. لذا بعد دراسة عميقة، قد جمعنا لكم أهم النصائح التي يمكنها ان تساعدكم في عمليات تداول ناجحة:
- التعلم بإستمرار، أمراً هاماً، حيث البقاء على اطلاع باتجاهات السوق واستراتيجيات التداول الجديدة وظروف السوق المتطورة. التعلم المستمر يزود المتداولين بالمعرفة اللازمة للتكيف مع ديناميكيات السوق المتغيرة.
- فتح حساب التداول التجريبي، قبل الدخول في الأسواق الحية، يوفر الانخراط في التداول التجريبي بيئة خالية من المخاطر لممارسة الاستراتيجيات والتعرف على تعقيدات منصة التداول. كما ان من المهم ان تتعامل مع الأموال التجريبية بنفس قدر الأهمية التي تتعامل معها في حالة الأموال الحقيقية.
- تعد المراجعة الدورية وتعديل إستراتيجيات التداول بناءً على ظروف السوق والأداء الشخصي بمثابة كاشف لك عما حدث. حيث يساعد التحليل السابق المتداولين على البقاء متفهمين لوضعهم الحالي، واستنباط ما يجلب لهم الربح وما يجلب لهم الخسارة، وتعديل الاستراتيجية لتكيف مع ظروف السوق الحالية.
- ينصح كبار المتداولين الالتزام بخطة تداول محددة جيدًا وتجنب القرارات المتهورة بناءً على تقلبات السوق قصيرة المدى. يساعد الانضباط في الحفاظ على التركيز وفهم ما يحدث بناءاً على تفعيل الخطة بشكل كامل، وعدم الأنسحاب في منتصف الطريق.
الملخص
يحاول الكثير من المبتدئين فهم كيفية تداول عقود الفروقات، وما هي هذه العقود من الأساس، لذا قد قدمنا لكم هذا الدليل الشامل. من خلال فهم عقود الفروقات، وتفعيل إستراتيجية إدارة مخاطر قوية، يمكن للمتداولين تعزيز مهاراتهم وزيادة فرصهم في النجاح على المدى الطويل في الأسواق المالية المتطورة باستمرار.
قد تحدثنا في هذه المقالة عن كيفية إدارة المخاطرة بفاعلية، وما هي الروافع المالية، ومخاطرها أيضاً. تذكر دائماً ان الخسائر جزءاً لا يتجزأ من المكاسب والأرباح، لذا حاول تحليل كل خسارة والأستفادة منها والخروج بمعرفة أكبر، لمحاولة عدم تكريرها قدر الإمكان.