تداول الفوركس مجزي للغاية ومناسب للطموحين من جميع أنحاء العالم، حيث يمكن ان نجد ذاك السوق الضخم يضم المتداولين الأثرياء والتي تتخطى ثروتهم المليار، ونجد أيضا من يتداولون بما لا يتعدى 200 دولار فقط! نعم تداول الفوركس مربح للغاية، ويمكن تحقيق أرباح خيالية حين يتخذ المتداول القرارات الصائبة ويقتنص الفرص المتاحة، ولكنه محفوف بالمخاطر أيضا، فهو سوق شديد التقلب ويتأثر بالعرض والطلب والأخبار الساخنة. يدخل الكثير من مبتدئي التداول السوق، وكل ما يمتلكونه هو الحماس والشعف، ولكنهم بدون أي معرفة او دراية بطريقة عمل الفوركس، وكيف تجري الأمور هنا.
عندما يتداول الأشخاص عديمي المعرفة او بدون خطة واضحة ومنظمة، قد يكون الأحباط والخسائر هما النهاية المتوقعة والمنطقية، فتخيل إنك ستشتري أفيال من الهند دون معرفة سعرها الحقيقي او معرفة كيفية بيعها من الأساس! هنا يأتي دور سي إم تريدينج في إرشادك وتثقيفك ومساعدتك على تطوير خطة تداول شخصية مناسبة لك وحدك حسب رأس مالك ووقت فراغك وكذلك طموحك ومدى تحملك للخسارة. في هذا الدليل سوف نتعرف سوياً عن خطة التداول وما هي، وكيف تقوم بتطويرها حسب حالتك الشخصية ورأس مالك، وكيفية إدارة المخاطر.
ما هي خطة التداول؟
خطة التداول او Trading plan هي خطة ذاتية يقوم المتداول بتطويرها لتحدد الأهداف والاستراتيجيات وقواعد إدارة المخاطر، وطريقة تنفيذ الصفقات بشكل محدد وواضح. تعتبر هذه الخطة إطار منظم يساعد المتداول على اتخاذ قرارات مدروسة ومنطقية لعدم الانسياق خلف المشاعر والعواطف، او فتح صفقات عشوائية. عندما يطور المتداول خطة تداول قوية، نجد انه يعرف بوضوح أهدافه المالية، وجميع الالتزامات وباي مبلغ يستطيع بدء التداول، وما يمكنه ان يخاطر به بدون خوف او قلق من الخسارة.
قد تظهر المشاعر بانها مجرد مشاعر وليس لها تأثير كبير في عالم المال والتداول، ولكن طبقاً لأراء الخبراء، فان المشاعر هي أكثر ما يمكن ان يتسبب بخسارة للمتداولين المبتدئين. فالخوف من المشاركة في الأسواق المالية والخوف من تجربه أمر جديد او حتى الخوف من الخسارة يمكن ان تتسبب في جعل المتداول في حيرة من كل شيء، من فتح الصفقات او اغلاقها دون تحقيق أهدافها او جني أرباح اقل خوفاً من الانتظار.
خطة التداول مهمة وليست رفاهية
تخيل ان هناك فرقة موسيقية تعمل بدون مايسترو وكل عازف أداة موسيقية يفعل ما يحلو له، ماذا ستكون النتيجة؟ بالتأكيد سوف تكون النتيجة غير مرضية للجميع، سواء للعازفين او حتى للمستمعين! هو الأمر نفسه بالنسبة للتداول، فسوف تجد مئات الخيارات أمامك، سواء في الأسواق التي متاح التداول بها مثل ازاوج العملات الحقيقية، او المشفرة، او المعادن، او السلع، او الأسهم. وسوف تجد أمامك أيضا المئات من طرق التحليل الفني والأساسي ومنصات التداول، لذا الأمر يحتاج الى تخطيط قوي ومفهوم لكي تفتح شاشة التداول وانت تعرف ما سوف تفعله دون ان تضل طريقك بين الخيارات المختلفة.
بدون خطة تداول سوف تجد المتداول يقوم بفتح صفقات مختلفة بدون استراتيجية، وقد يجد نفسه محبوساً في صفقات طويلة المدى وهو غير مستعد لتحمل هذا الوقت لكي تجني هذه الصفقات أرباحها. كما ان عامل تقييم الأداء قد يكون غير متوفر، فكيف ستقوم بتقييم أدائك وانت تستخدم استراتيجيات مختلفة وأداء المحفظة الاستثمارية متخبط بين مكسب لإحدى الاستراتيجيات وخسارة لآخري؟ لذا فان خطة التداول مهمة جداً من حيث تنفيذ الصفقات القوية وبطريقة واضحة وممنهجة، وكذلك تقييم الأداء وتحسينه على المدى البعيد.
الخطوة الأولى: تحديد اهدافك بوضوح
قبل البدء في التداول، عليك ان تقوم بتحديد أهدافك بشكل واضح، ولماذا انت تتداول او تريد البدء في التداول. هذه الخطوة مهمة لتحديد اسلوبك في التداول ومدى قدرتك على تحمل المخاطر. لمساعدتك في تحديد اهدافك، يمكنك التفكير فيما يلي:
- الأهداف قصيرة المدى وطويلة المدى
لكي لا تُصاب بإحباط وخصوصا في فترتك الأولى للتداول، يجب ان تقوم بتقسيم اهدافك الى اهداف طويلة المدى واهداف على المدى القصير. قد تكون اهدافك قصيرة المدى هو الحصول على ربح يومي او اسبوعي محدد، او حتى مجرد تعلم التداول وتعلم استراتيجيات مختلفة وتجربتها دون انتظار أرباح او تحسين طريقة تفكيرك وتنفيذ الصفقات. وعلى الجانب الأخر، من المهم ان تحدد اهدافك طويلة المدى، هل تريد ان تجني أرباح معينة لشراء شيء معين مثلا؟ او لتحسين وضع معيشتك؟ يجب ان تتذكر هذه الأهداف لأنها سوف تكون الحافز لك للتعلم والإبداع في المستقبل.
- وضع توقعات قابلة للتنفيذ
من أكثر الأمور التي يمر بها مبتدئي التداول هي وضع توقعات غير منطقية وغير واقعية بالمرة، فكيف يُعقل لشخص يبدأ تداول بمبلغ 100 دولار ان يشتري سيارة فيراري نهاية العام؟! ربما للإعلام والميديا دور في خلق توقعات غير واقعية وغير منطقية بالمرة، وهذه العقلية قد تؤدي الى اتخاذ قرارات عاطفية بدلاً من التفكير المنطقي والعقلاني. بدلاً من كل هذا، قم بتحديد اهدافك، وليكن تحقيق أرباح 500% سنوياً، او 10% شهرياً، والتفكير في استغلال هذه الأرباح.
الخطوة الثانية: اختيار السوق المناسب
هناك الكثير من الأسواق التي يمكنك التداول بها، ولكل سوق مجموعة من الخصائص التي تميزه وتجعله مناسب لمجموعة من المتداولين وغير مناسب لآخرين أيضا. يعتمد اختيار السوق على مدى معرفتك بكل سوق وخبرتك ورأس مالك وقدرتك على تحمل المخاطر المختلفة.
- سوق الأسهم: يعتبر الاستثمار والتداول في سوق الأسهم مناسب لمن يرغبون في الاستثمار طويل الاجل او المضاربة قصيرة الأجل. يضم سوق الفوركس أسهم معظم الشركات الكبرى سواء داخل الأسواق الامريكية مثل آبل والفابيت وتسلا، او الشركات في الأسواق الأوروبية او الاسيوية. يتطلب التداول في سوق الأسهم خبرة في التحليل الأساسي ومعرفة كيفية قراءة أرباح الشركات والقوائم المالية والأمور الخاصة بعمليات الشركات. ان قررت التداول في سوق الاسهم، عليك دراسة الشركات التي تود المضاربة عليها ومعرفة ما يحرك اسعارها، فمثلاً يمكن لضعف تحديث في احدى هواتف ابل او تجعل الأسهم تنخفض في البورصة، او تغيير المدير التنفيذي وغيرها من القرارات المهمة في الشركة.
- سوق الفوركس: سوق تداول الفوركس، هو سوق تداول العملات الأجنبية على هيئة أزواج، حيث يتم بيع وشراء عملة مقابل عملة أخرى، مثل اليورو مقابل الدولار، او الين الياباني مقابل الدولار الامريكي، وغيرها من العملات. العملات الشهيرة والتي تصدرها دول قوية اقتصادياً قد تكون أكثر ثباتاً من العملات غير الشهيرة، لذا تعتبر مناسبة لمن لا يريدون المخاطرة. يتميز سوق الفوركس بسيولة عالية جداً، وهو ما يجعل عمليات البيع والشراء سريعة وتتم بالسعر السوقي دون أي تأخير او خسارة. يتأثر سوق الفوركس ببيانات البنوك المركزية وأسعار الفائدة وغيرها من الأمور الاقتصادية، والتي يمكن ان تغيير من أسعار العملات.
- تداول العملات المشفرة: ظهرت العملات المشفرة ومنذ ظهورها وكان العامل الأساسي والمشترك في جميع العملات المشفرة هو تقلب أسعارها. فنجد ان أسعار البيتكوين تقلبت حتى وصلت الى 80 ألف دولار مقابل البتكوين الواحد، ثم انخفض سعرها حتى وصل 50 الف دولار، وهكذا في جميع العملات، تتقلب باستمرار. هذا التقلب يفيد من يطمحون لتحقيق الربح السريع من خلال التحركات السعرية الكبيرة في أوقات قليلة، ولكنه محفوف جداً بالمخاطر. لهذا السبب يُنصح دائماً بضرورة اتباع إرشادات إدارة المخاطر بشكل صارم، مع دراسة إمكانية تحملك للمخاطر وانعكاسات السوق.
- تداول السلع: تداول السلع يشمل تداول المعادن النفيسة مثل الذهب والفضة، وكذلك السلع الغذائية الزراعية مثل القمح والذرة، والسلع اللينة مثل السكر والقطن وغيرهم. يجب عليك ان تفهم كل سلعة كيف تجري الأمور بها وما يحرك أسعارها، لان السلع مختلفة واسواقها لا تشترك إلا في المسمى فقط! فمثلاً تداول القمح، قد يحرك أسعاره مواعيد الحصاد ومدى إنتاجية المحصول في الدول المنتجة بكثافة، ويمكن للعوامل الجوية ان تقلب السوق وتحرك الأسعار. وعلى الجانب الآخر، يتأثر تداول الذهب والفضة دائماً بمدى استقرار الأسواق سياسياً واقتصادياً، فكلما كانت الأسواق مستقرة، قل الطلب على الذهب والفضة، والعكس صحيح.
الخطوة الثالثة: تحديد استراتيجية التداول
استراتيجية التداول تُعني ببساطة الطريقة التي ستحدد طريقة فتحك واغلاقك للصفقات. تختلف الاستراتيجيات في مدى الربحية والمخاطرة وكذلك المدة المتوقعة لتجني الأرباح المتوقعة منها. هناك الكثير من الاستراتيجيات التي يستخدمها خبراء التداول، ولعل أشهر استراتيجيات، ما يلي:
- التداول اليومي: استراتيجية التداول اليومي تتضمن فتح واغلاق الصفقات في نفس اليوم، وهي تعتمد على الاستفادة من التحركات الصغيرة للأسعار. من المزايا لهذه الاستراتيجية هي ضمان وجود سيولة للاستفادة من أي فرص متوفرة في السوق لفتح صفقات اخرى، وأيضاً عدم دفع رسوم تبييت الصفقات (وهي رسوم يتم فرضها في حالة فتح الصفقة مفتوحة لليوم التالي). يجب على المتداول ان يكون يقظ وان يراقب السوق بشكل مستمر للتمكن من استخدام هذه الاستراتيجية.
- التداول المتأرجح: هذه الاستراتيجية تتضمن فتح صفقات والانتظار بين عدة أيام او حتى اسابيع، للأستفادة من التحركات السعرية المتوسطة والطويلة المدى. هذه الاستراتيجية مفيدة لمن لديهم الخبرة في التداول وكذلك لمن لا يتوفر لديهم الوقت الكافي للقيام بالعديد من التحليلات الفنية. يمكن لمن يعملون بدوام كامل ان يستخدموا هذه الاستراتيجية للاستفادة من سوق الفوركس دون تفرغ.
- التداول بالصفقات: هذه الاستراتيجية مفيدة لمن لديهم رؤى طويلة المدى، فيقومون بفتح صفقة واحدة او اثنين فقط للأستفادة من اتجاهات السوق طويلة الأجل. على سبيل المثال، ان كنت تعتقد ان الذهب سوف يصل الى 4000 دولار للأونصة بحلول 2026، فيمكنك فتح صفقة واحدة للذهب للشراء بالسعر السوقي الحالي 3120 دولار للأونصة، للاستفادة من فرق السعر في المستقبل.
الخطوة الرابعة: إدارة المخاطر
تُعد إدارة المخاطر هي الخطوة الأهم في تطوير خطة التداول، فبدون إدارة المخاطر، فانت تشبه من يبني قصر ويترك ابوابة مفتوحة امام الجميع دون حماية! في الفوركس، تكون الأسواق متقلبة للغاية، وهو أمر طبيعي وشائع جداً، لذا يمكن لانهيار مفاجئ لأحد الأسواق ان يجعلك تخسر كل شيء دون أي حماية لحسابك ان لم تلتزم بخطة إدارة المخاطر التي يمكنها وقف الخسائر تلقائياً.
- تحديد حجم الصفقات: عندما تفتح أي صفقة، سوف تجد خيار اللوت (Lot) فيمكنك تحديد حجم اللوت المناسب لمحفظتك الاستثمارية. ينصح الخبراء بان تكون حجم الصفقة لا تتخطى 1% الى 2% من اجمالي رأس مالك في الصفقة الواحدة.
- أوامر إيقاف الخسائر: من المهم ان تقوم بتحديد نقطة محددة للخروج من السوق في حالة انعكاس السعر عليك. تخيل انك تقوم بفتح صفقة بقيمة 100 دولار، وكان هدفك ربح 10 دولار، فهل يعقل ان تنتظر حتى تخسر 30 دولار؟ بالتأكيد لا، لذا قم بتحديد نقاط لوقف الخسارة والخروج من السوق لضمان عدم تكبد المزيد من الخسائر.
- فتح صفقات في العديد من الأسواق: تجنب فتح صفقات في نفس السوق او في الأسواق المرتبطة ببعضها البعض، فمثلا لا تقم بفتح صفقة تداول يورو مقابل الدولار، وأيضا ين ياباني مقابل الدولار، فان ارتفع الدولار سوف تنخفض قيمة تلك العملات معاً! حاول التنويع بين الصفقات في أسواق غير مترابطة، بحيث لا ينقلب السوق عليك مرة واحدة وبدون سابق انذار.
الخطوة الخامسة: تحليل وتحسين خطة التداول
ولنفترض أنك قمت بتحديد رأس مالك وليكن 250 دولار لبدء التداول، ثم تحديد اهدافك وهي ربح 25 دولار في اول شهر، واخترت التداول اليومي كإستراتيجية للتداول. وبعد مرور شهر، وجدت أنك ربحت 15 دولار فقط بدلاً من 25 دولار التي قد قمت بتحديدها، هنا يجب ان تتوقف وتحديد أسباب عدم تحقيق الأهداف. لتحديد سبب الفشل في الخطة، يجب ان تقوم بمراجعة اهدافك، هل كانت منطقية؟ هل قمت بالجهد المناسب لفتح صفقات رابحة؟ ما سبب الخسارة في الصفقات الخسارة؟
من خلال هذه الإجابات يمكنك تعديل خطة التداول، فالكثير من المتداولين على سبيل المثال يقومون بفتح العديد من الصفقات اليومية دون دراسة، او لمجرد الإحساس. او ربما تعتمد على توصيات تداول او إشارات تداول من شخص غير محترف ويجب ان تغير هذا المصدر، او ان تحسن من مستوى تعليمك للتداول الفني او الأساسي. خطوة تحسين الاستراتيجية مهمة جداً وهي ما تجعلك تحويل هدفك من ربح 25 دولار الى ربح 250 دولار أخرين!