إن تطوير عقلية تداول قوية أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح على المدى الطويل في الأسواق المالية. في حين أن المهارات التقنية ومعرفة السوق ضرورية، إلا أن الجانب النفسي هو الذي غالبًا ما يفصل المتداولين الناجحين عن الباقي. فقد يفكر مبتدئي التداولي انهم بمجرد الحصول على بعض الربح سوف يتركون السوق ويتجهون لمجال آخر، ولكنهم بمجرد أول خسارة يقومون بذلك أيضاًّ
الجانب الإيجابي في الأمر، أن كل هذه الأمور التي تميز المتداولين المحترفين، يمكنك تعلمها والمثابرة في تطبيقها. وهذا ما سوف نقوم به الآن، فبعد دراسة الوضع، قمنا بعمل إستراتيجيات واضحة وسهلة لتطوير عقلك. في هذه المقالة، سوف نستكشف إستراتيجيات مهمة لمساعدتك على تطوير عقلية التداول الفائزة والحفاظ عليها.
أفهم دوافعك
بعد مقابلة عدد كبير من مبتدئي التداول، لاحظ الخبراء عدم وجود دوافع واضحة للتدوال، فمنهم من أجاب بأنه تداول لكسر الملل، أو انه سمع ان التدوال شيئاً جيد، وغيرها. إن فهم الذات أمراً معقداً، وقد تظنه غير ذلك، ولكن بعد محاولة سؤال نفسك، ستكتشف العكس. هل تتداول من أجل الاستقلال المالي، أو تحقيق الشخصية، أو مزيج من الاثنين معا؟ إن معرفة دوافعك الأساسية ستساعدك على الحفاظ على تركيزك والتزامك خلال الأوقات الصعبة.
تحديد أهداف واضحة
يعد تحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق خطوة أساسية نحو تطوير عقلية التداول. حدد أهدافك على المدى القصير والطويل، سواء من حيث الأهداف المالية أو النمو الشخصي. إن تحديد أهداف واقعية سيوفر لك إحساسًا بالاتجاه والغرض. فمثلاً يمكنك تضع أهدافاً مالية، سوف تزيد رأس مالك 5% كل يوم، أو ان عدد صفقاتك الناجحة سوف تزيد عن صفقاتك الخاسرة، وغيرها من الأهداف.
التعليم المستمر
الأسواق المالية ديناميكية وتتطور باستمرار. تبني عقلية التعلم المستمر للبقاء في المقدمة. اقرأ الكتب، واحضر الندوات، وتابع خبراء الصناعة، وابق على اطلاع بأخبار السوق واتجاهاته. سيساعدك هذا الالتزام بالتعلم على التكيف مع ظروف السوق المتغيرة وتحسين استراتيجيات التداول الخاصة بك. يمكنك أيضاً أن تضع أهدافاً محددة للتعليم، فمثلاً يمكنك ان تتعلم كل اسبوع نوعاً مختلفاً من المؤشرات وتشاهد فيديوهات تعليمية عنه وتقرأ عنه بإستفاضة.
هناك طرقاً كثيرة للتعلم، وأشهرها الندوات التدريبية والمواد التعليمية التي توفرها منصة التداول الخاصة بك. منصة سي إم ترادينج لديها قسم خاص بالمواد التعليمية، لذا من المهم أن تختار منصة التداول ذو السمعة الطيبة التي تساعدك على تطوير ذاتك، وبناء شخصيتك التداولية.
حدد وأفهم المخاطر
تعد إدارة المخاطر جانبًا حاسمًا في التداول. تطوير عقلية تعطي الأولوية لإدارة المخاطر على الأرباح المحتملة. ضع حدودًا صارمة للمخاطر لكل عملية تداول والتزم بها باستمرار. من خلال إدارة المخاطر بشكل فعال، يمكنك حماية رأس المال الخاص بك والحفاظ على عقلية واضحة، حتى خلال فترات تقلبات السوق.
ينصح الخبراء بأن لا تتداول بأكثر من 5% من قيمة محفظتك في صفقات التداول، وذلك لإطالة نفسك وحماية رأس مالك. في الحقيقة ان عقلية المتداول تكمن في قبولة وتقييمة للمخاطر، فلا مكسب بدون مخاطرة في التداول.
مثال: إن كنت تتبع توصيات التداول وكان أمامك توصيتان، التوصية الأولى كان ربحها المتوقع 50 دولاراً، والخسارة المتوقعة 20 دولاراً، والتوصية الثانية ربحها المتوقع 40 دولاراً والخسارة المتوقعة 40 دولاراً أيضاً، فماذا تختار؟ بالتأكيد التوصية الأولى! نعم بها مخاطرة خسارة 20 دولاراً ولكنها اقل بكثير من نسبة الربح الى الخسارة في الصفقة الثانية.
الانضباط والصبر
التداول يتطلب مهارات نفسية كثيرة، وأهمها الانضباط والصبر. عليك الانضباط لمتابعة خطة التداول الخاصة بك والالتزام باستراتيجياتك المحددة مسبقًا. تجنب القرارات المتهورة التي تحركها العواطف أو تقلبات السوق قصيرة المدى. الصبر له نفس القدر من الأهمية، حيث أن التداول الناجح غالبا ما ينطوي على انتظار ظهور الفرص المناسبة.
قد يظهر لك ان هذا الحديث عام، ولكن دعنا نبحر في الأمثلة! إن فتحت صفقة الصفقة الأولى في المثال السابق والتي كان ربحها 50 دولاراً (أمر جني الأرباح 50 دولار) والخسارة المتوقعة 20 دولاراً (أمر وقف الخسارة 20 دولار). فلا تتهور عندما يهبط بك السوق 10 دولار وتغلق الصفقة، فمن المتوقع أن يترفع السوق مرة أخرى، إن كانت لديك خطة بالتأكيد.
تقبل الفشل كفرصة للتعلم
الفشل والخسارة هو أمر لا مفر منه من التداول. تقبل الفشل باعتباره فرصة للتعلم بدلاً من اعتباره انتكاسة وخسارة مطلقة. قم بتحليل صفقاتك الخاسرة، وحدد الأخطاء، وتعلم منها. إن النظر إلى الفشل باعتباره نقطة انطلاق نحو التحسين سيساعدك على الحفاظ على عقلية إيجابية والنمو كمتداول.
قم بتحديد الأسباب المنطقية لإنعكاس السوق عليك، فمثلاً، هل قمت بالتداول في فترات الأخبار الأقتصادية، والتي في الغالب تحرك الأسعار بقوة في فترات زمنية قصيرة؟ إن كانت الإجابة نعم، فعليك ان تتابع الأخبار الأقتصادية في التقويم الأقتصادي لمعرفة متى تتداول ومتى توقف صفقاتك.
تحكم في عواطفك
الذكاء العاطفي أمر بالغ الأهمية للتداول الناجح. قم بتطوير الوعي الذاتي للتعرف على عواطفك وإدارتها أثناء التداول. حافظ على عواطفك وسيطر عليها، سواء كان ذلك خوفًا أو جشعًا أو ثقة زائدة. سيساعدك الذكاء العاطفي على اتخاذ قرارات عقلانية وتجنب التصرفات المتهورة.
فالجشع يمكن ان يكون أمراً قاتلاً في التداول مثل الخوف وأكثر، فقد يمنعك الجشع من جني الأرباح وإنتظار مكاسب أكبر من التي حصلت عليها بالفعل. وقد يكون نتيجة ذلك الجشع، ان تخسر ما كسبته وأن يتحول اللون الأخضر للأرباح الى لون أحمر بالخسائر وقد تضطر الى غلق صفقاتك بالخسارة بعد ذلك!
المرونة والراحة
إن الاعتناء بنفسك أمر ضروري للحفاظ على عقلية تداول صحية ومرنه. تأكد من حصولك على قسط كافٍ من الراحة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتناول الطعام بشكل جيد، والتعامل مع التوتر بشكل فعال. إن الرعاية الذاتية سوف تساعدك على الحفاظ على تركيزك ونشاطك وتوازنك العاطفي خلال رحلة التداول الخاصة بك.
إن كنت مبتدئاً عليك معرفة ان الضغط النفسي قد يصاحبك في أوقات الخسارة، وقد يؤثر ذلك على حياتك الشخصية أيضاً. لذا حاول فصل حياتك الشخصية عن التداول، وتداول في أوقات محددة. قبلك للخسارة، ومرونتك في ذلك سيساعدك بشكلاً كبير في حياتك الشخصية، وسيساعدك أيضاً على استمرار التداول وإتخاذ قرارت صحيحة غير متهورة.
الأنتقام من السوق!
نعم، ما قرأته صحيح، لا تحاول الأنتقام من السوق بعد الخسارة لمحاولة تعويضها. ينصح خبراء التداول بعد الخسارة بأخذ فترة من الراحة ومحاولة تفسير ما حدث، وعدم القيام بالتداول في تلك الفترة، لانك في الغالب قد ترتكب الحماقة، وتزيد الخسارة بخسارة إضافية، نظراً للضغط النفسي عليك.
هنا تحركك مشاعر الخوف من الخسارة المطلقة، وتتحول من التداول الى المقامرة، فبالتأكيد لن تقوم بتطوير خطة تداول في لحظات بمجرد الخسارة! عليك ان تعرف انك قد تخسر كل ما كسبته في أسبوع تداول كامل في لحظات تهورك. عليك أن تعرف، إنك حتى لو كسبت صفقة بدون وعي، فهي صفقة خسارة، لأن مشاعرك ستقودك الى المزيد من الصفقات بدون تخطيط، فقط بمجرد الأحساس والحدس.
ابني شبكة داعمة
أحط نفسك بالمتداولين ذوي التفكير المماثل أو انضم إلى مجتمعات التداول لبناء شبكة داعمة. المشاركة في المناقشات وتبادل الخبرات والتعلم من الآخرين. إن وجود نظام دعم سيوفر لك رؤى قيمة وتشجيعاً ومعلومات أيضاً. يمكنك ان تجد شبكات ومجتمعات مهتمة بالتداول في تليجرام، فهناك العديد من القنوات التي ستجد عليها نقاشات مفتوحه، قد تزيدك معرفة بظروف السوق ومتابعة الأخبار العاجلة.
ولن ننسى أيضاً مجموعات الفيسبوك، فهو المجمتع الأكثر حيوية في وطننا العربي، فهناك الكثير من الصفحات والمجموعات التي تناقش التداول بإستفاضة. ومؤخراً قام الواتس اب أيضاً، وهو التابع لشركة ميتا، بعمل مجتمعات وقنوات على تطبيق المراسلة الأكثر شهرة في العالم، يمكنك ان تجد الكثير من القنوات التي تنشر التوصيات أو تناقش التداول بشكلا عام.
المراجعة والتكيف بانتظام
قم بمراجعة أداء التداول الخاص بك بانتظام وقم بتكييف استراتيجياتك وفقًا لذلك. قم بتحليل تداولاتك، وحدد الأنماط، واضبط أسلوبك حسب الحاجة. ستساعدك العقلية الاستباقية والقابلة للتكيف على البقاء في المقدمة في الأسواق المالية المتغيرة باستمرار. فمن أشهر أمثلة التكيف في وقتنا الحالي هو التكيف على التكنولوجيا الحديثة، فهل سمعت عن التداول بإستخدام الذكاء الإصطناعي؟
إن كانت الإجابة لا، فعليك ان تراجع نفسك وتبدء في التعلم من الآن، فربما يكون المستقبل بشكل تام للتداول بالذكاء الإصطناعي، أو على الأقل ستكون أدواته وتحليلاته هي الأكثر شهرة في عالم التداول. فيمكن للذكاء الإصطناعي فتح صفقات بسرعة جداً وكثيرة جداً في أجزاء من الثانية، وقفلها بسرعة للإستفادة من تغير الأسعار الدقيق للغاية.
التداول فن
التداول هو فن، ولكل متداول أسلوبه الفريد. احتضن شخصيتك وقم بتطوير أسلوب تداول يناسب شخصيتك وقدرتك على تحمل المخاطر ونقاط قوتك. اكتشف نقاط قوتك واستغلها لصالحك. من خلال تبني نهجك الفريد، يمكنك الاستفادة من إمكاناتك الكاملة كمتداول.
تتطلب قرارات التداول توازنًا دقيقًا بين الأحساس والتفكير التحليلي. بينما يوفر التحليل إطارًا، يمكن للحدس أن يرشدك في المواقف غير المؤكدة. قم بتنمية مهاراتك التحليلية وحدسك لاتخاذ قرارات شاملة.
الملخص
في الختام، يتطلب تطوير عقلية التداول لتحقيق النجاح على المدى الطويل مزيجًا من الوعي الذاتي والانضباط والتعلم المستمر والذكاء العاطفي. من خلال فهم دوافعك، وتحديد أهداف واضحة، وإدارة المخاطر بفعالية، وتنمية عقلية النمو، يمكنك وضع نفسك لتحقيق النجاح في الأسواق المالية. تذكر أن تتقبل الفشل كفرصة للتعلم، وبناء شبكة داعمة، والأهتمام بالرعاية الذاتية، ومراجعة استراتيجيات التداول الخاصة بك وتكييفها بانتظام. من خلال عقلية التداول القوية، يمكنك التغلب على التحديات والشكوك المتعلقة بالتداول وتحقيق النجاح على المدى الطويل.